"الكرافتة" بين الهوية والأناقة

12 يناير 2016
(Getty)
+ الخط -
يتفق سلفيو السنة والشيعة على رفض ارتداء ربطة العنق "الكرافتة"، حيث تكثر الفتاوى التي تحرمها باعتبارها رمزاً تغريبياً يضرب الهوية الشرقية ويكرّس للتبعية، وعندما قامت الثورة في إيران سنة 1979 حظر الخميني ارتداءها، وتميز مظهر الدبلوماسيين الإيرانيين منذ ذلك الوقت بالبدلة بدون كرافتة بدءاً من أبي الحسن بني صدر أول رئيس للدولة.

ومع صعود نجم الإصلاحيين الإيرانيين في الآونة الأخيرة؛ وقع صدام بينهم وبين المحافظين بسبب تصريح لأحمدي نجاد يقول فيه بجواز لبس الكرافتة، مطالباً الإيرانيين أن يكونوا أكثر انفتاحاً حتى لا يشعر الناس بأنهم منعزلون. وهو ما أثار حفيظة التيار المحافظ الذي خرج منه آية الله أحمد خاتمي عضو مجلس خبراء القيادة في إيران، ليطالب نجاد بالتزام حدوده وعدم الخوض في مسائل دينية حسم الإمام الخميني القول فيها!


على الجبهة السلفية نجد العديد من الفتاوى التي تحرم لبس الكرافاتة ويتم نسبتها إلى مجموعة من كبار مشايخهم أمثال الألباني والوادعي والفوزان ووغيرهم بحجة أنها من أزياء الكفار المنهي عنها. بعض اليهود المتدينين أيضاً لا يرتدون الكرافتة، ويكتفون بياقات قمصانهم الطويلة ربما لأسباب مشابهة.

ثمة تأريخ لربطة العنق يرجعها إلى القرن السابع عشر الميلادي بفضل الجنود الكرواتيين المرتزقة أثناء حرب الثلاثين عاما (1618 و1648)، وأن الفرنسيين نقلوا عنهم ذلك اللباس الأنيق، وأسموه (كروات). وكانت قطعة القماش الأنيقة هذه يستخدمها الجنود في أول الأمر لمسح العرق والدماء وتنظيف الأسلحة قبل أن تتحول لزينة. ويقال إن النساء كانت تعلقها في أعناق أزواجهن علامة على الحب والوفاء قبيل ذهابهم إلى القتال.


وربما يكون التاريخ أسبق من ذلك، فهناك من يرى أن الجنود الصينيين عرفوا الكرافتة قبل 2300 سنة، كما أن الجنود الرومانيين استخدموا ربطات عنق من الصوف لحماية رقابهم من البرد والحواف الحادة للأسلحة القديمة.

وفي إنجلترا ارتبطت ربطة العنق بالطبقة الأرستقراطية، فكان خطباء مجلس الشيوخ يدفئون بها حناجرهم خشية البرد حتى لا تتأثر أوتارهم الصوتية.

وأبرز من اشتهر من الملوك الفرنسيين بارتدائها كان لويس الرابع عشر. قبل أن تتطور وتأخذ شكلها العصري الصغير بعقدة محكمة وطرف مسطح متدلٍّ على الصدر في منتصف القرن التاسع عشر. إضافة لنشأة النوع القصير المسمى (بيبيونة) في منتصف القرن التاسع عشر.

وتحتاج عملية ربط الكرافتة حول ياقة القميص إلى مهارة لتخرج بالشكل اللائق، وتمثل عملية عقدها مأساة بالنسبة لكثيرين، وتتعدد أنواع ربطات العنق إلا أنّ أشهرها عقدة (ويندسور) نسبة إلى دوق ويندسور البريطاني. وبالرغم من أنها تاريخياً وعملياً تنتمي لعالم الرجال؛ فقد ابتكر مصممو الأزياء كرافتات نسائية متنوعة.

إقرأ أيضاً:للرجال فقط: هكذا تكون إطلالتكم في أيّام العمل
دلالات
المساهمون