كانت البداية مشكلة خاصّة لأحدهم، اضطر صاحبها أن يطرحها للنقاش على مجموعة من أصدقائه، اختار أن يجمعهم في غروب سرّي، للحفاظ على خصوصية أسراره، لم يكُن يعلم أن الخصوصية التي حاول الاحتفاظ بها لمجموعة على الإنترنت، سيخترقها نحو مليون ونصف "سوستجي"، نالوا من الحظ ما كان كافيًا لأن تأتي لهم "في السوستة".
"لا سياسة.. لا دين.. لا نساء"، الاشتراطات الثلاثة التي وضعها مسؤولو غروب "جت في السوستة"، للحفاظ على المجموعة من الخلافات التي ستعصف بها إذا ظهرت، في ظرف أسابيع قليلة تخطت المجموعة السرّية المليون الأوّل، وأنشئت على غرارها العديد من المجموعات الأخرى، التي لم تحظ بالتفاعل نفسه الذي احتفظت به المجموعة الأصلية نفسها، لفترة وجيزة، شُغل الغروب بحكايات الجنس والنساء وتبادل الخبرات في فنون العلاقات، انتشرت الصور الملتقطة للمجموعة، والتي حكى أصحابها عن علاقاتهم الغرامية، وسأل البعض فيها عن التعدّد، وعن الخيانة الزوجية، ثم بعد قليل، اتخذت المجموعة مسارًا جديدًا.
مصر جديدة، كتلك التي عرفها المصريون في صبيحة يوم الحادي عشر من فبراير/ شباط 2011، روح ينايرية بُثّت من جديد في نفوس المصريين على غروب "جت في السوستة"، تطوّع وخدمات وتعاون بلا مقابل، ودون سؤال عن انتماءاتهم، ما يهمّ فقط هو أن تكون مصريًا أولًا ثم "سوستجي" ثانيًا، دواء شحيح، تبرّع بالدم، نجدة ملهوف في السعودية، دعم معاق لحثّه على التخلّي عن فكرة الانتحار، فرص عمل لعشرات من الباحثين، حساب جار في أحد البنوك للتبرّع من أجل علاج الفتاة رحمة التي شغلت مواقع التواصل بسبب مرضها النادر، واحتياجها لعلاج بالخارج، نجح "السوستجية" في أن يؤسّسوا لدولتهم داخل الفيسبوك، بينما فشلت "الكبشجيات".
بعد أيّام قليلة من تأسيس "جت في السوستة"، بدأت الحرب النسوية، بطريقة ما، تمّ تسريب مناقشات الرجال من مجموعتهم الأصلية للعديد من النسويات المصريات، لم يرتح معظمهن لهذا التجمّع الذكوري، المحاط بالسريّة، والذي تمنع قواعده انضمامهن إليه، فكان الردّ النسائي، العين بالعين والمجموعة بالمجموعة و"السوستجية" أظلم.
"جت في الكوبشة" المجموعة السريّة النسائية، التي تم تأسيسها كحائط ضد الهجمة الذكورية على الفيسبوك من "السوستجية". لأيّام معدودة، كانت المجموعة عامة، حتى تضمن انضمام النساء من مختلف التوجّهات إليها، كما حدث في المجموعة الرجالية، من عامة إلى مغلقة، ومن مغلقة إلى سريّة، رحلة "جت في الكوبشة" لجمع قرابة 1500 عضوة، "غروب نسائي فقط.. وممنوع الشواذ"، هذه هي المعايير التي وضعتها مسؤولة المجموعة، مع العلم أن أي شخص سيتمّ الشك فيه من حق المسؤولة حذفه بناءً على بلاغ من العضوات.
على الرغم من نشاطات الثوريات والنسويات من مؤسّسات وعضوات المجموعة، إلا أن الغروب لا يتطرّق للنقاشات الحادة، أو الرؤى المختلفة في القضايا المجتمعية في ما يخصّ الحجاب، أو الميراث، أو عمل المرأة، أو المساواة بين الرجل والمرأة، مكتفيًا فقط بمنشورات النكات الجنسية، والأسئلة عن العلاقة الزوجية، وإعادة تقييم مستوى الأداء الجنسي للرجل المصري، ولم تتطرّق "الكبشجيات" لأمور الأعمال الخيرية وجمع التبرّعات ولم يساعدن عضواته على تخطّي مشاكلهن، سوى تلك الناشطة التي احتاجت لاستشارة عاجلة في طريقة عمل الكبدة الإسكندراني، حيث أفادتها المجموعة بالوصفة، لكن الكثيرات غادرنه والسبب هو طريقة الإدارة.
شيئًا فشيئًا بدأت الكثير من عضوات المجموعة في الانسحاب، والسبب هو تحوّلها إلى مجموعة جنسية فجّة، بحسب آراء العضوات، والتي تم تثبيتها في منشور عام، يرجو من الأعضاء عدم تحويلها إلى "شقة دعارة"، ومنعًا للانقسام بين عضوات المجموعة، بين من يرين المجموعة نافذة مشروعة للحديث عن الجنس، والنقاش حول المسكوت عنه في العلاقات الزوجية، وإلقاء النكات الجنسية بحرّية. وبين هؤلاء الذين أملوا في مجموعة تنافس "السوستجية"، وتعيد تشكيل المفهوم الخاطئ عن النسويات في مصر، اقترحت إحدى مديرات المجموعة التصويت على الاستمرار في نشر النكات والمنشورات +18، أو عدم إتاحة المجال لنشر مثل هذه البذاءات، كما وصفتها بعض العضوات، وانتصرت حرّية "القباحة" في غروب "الكبشجيات". وفي الوقت الذي طالبت فيه العضوات بتقليد المجموعة الرجالية "جت في السوستة"، أكّدت الإدارة أن العيب ليس في النكات فالرجال بدأوا بها، لكن العيب في "النفسنة".