"القاعدة" يتبرّأ من "داعش": اختراق أم انشقاق؟

04 فبراير 2014
+ الخط -
سيكون الزمن كفيلاً بفهم خلفيات وتداعيات تبرّؤ تنظيم القاعدة من "الدولة الاسلامية في العراق والشام" التي لطالما اعتُبرت الجناح السوري والعراقي للتنظيم. أكان الأمر يتعلق بانشقاق كبير داخل التنظيم "الأممي" الذي باتت اللامركزية فيه واسعة لدرجة كبيرة، أم توزيع أدوار مدروس، فإنّ الأكيد يبقى أن إعلان "القاعدة" براءتها من "داعش" يبقى خطوة غير مسبوقة يرى كثُر أنّ زعيم "القاعدة" هيأ لها مراراً في الأشهر الماضية، تحديداً منذ باتت "دولة الاسلام" تؤدي دوراً في سوريا يخدم النظام في تصفية معارضيه وتحاشي خوض مواجهات مباشرة مع قوات الرئيس بشار الأسد منذ ظهور التنظيم على الأراضي السورية في نيسان/ أبريل 2013.
وجاء في بيان لـ"القاعدة"، نقلته مؤسسة "سايت" المتخصصة في رصد المواقع الاسلامية: "تعلن جماعة قاعدة الجهاد أنْ لا صلة لها بجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام، فلم تُخطَر بإنشائها، ولم تُستأمَر فيها، ولم تُستشَر، ولم ترضها، بل أمرت بوقف العمل بها".
وأضاف البيان أن التنظيم الذي ينشط في سوريا والعراق، والذي تتهمه المعارضة السورية بالعمل لحساب نظام الاسد، "ليس فرعاً من جماعة قاعدة الجهاد، ولا تربطها به علاقة تنظيمية، وليست الجماعة مسؤولة عن تصرفاته". وكان لافتاً تشديد بيان القاعدة على "براءتها من أي تصرف ينشأ عنه ظلم ينال مجاهداً أو مسلماً أو غير مسلم".

وشدّد البيان على براءة "القاعدة" من "الفتنة التي تحدث في الشام بين فصائل المجاهدين". ودعت القيادة العامة للقاعدة "كل ذي عقل ودين وحرص على الجهاد إلى أن يسعى جاهداً في إطفاء الفتنة بالعمل على الإيقاف الفوري للقتال، ثم السعي في حل النزاعات بالتحكم إلى هيئات قضائية شرعية للفصل فيما شجر بين المجاهدين".

وكان زعيم التنظيم، أيمن الظواهري، دعا في مناسبتين العام الماضي، بعدم إعطاء البيعة لتنظيم "داعش"، وأفتى بأن مَن يمثّل "القاعدة" في سوريا هو "جبهة النصرة". ودارت معارك عنيفة منذ مطلع العام الجاري بين تشكيلات من المقاتلين السوريين المعارضين وعناصر "داعش"، ودخلت على خط المعركة أخيراً القوات التركية. 

وتشارك "جبهة النصرة"، الى جانب مقاتلي المعارضة المؤلفين من "الجبهة الاسلامية" و"جيش المجاهدين" و"جبهة ثوار سوريا" و"الجيش الحر"، في بعض هذه المعارك ضد تنظيم "الدولة الاسلامية"، على الرغم من أنها عرضت الوساطة بين الطرفين، لكن من دون أن تلقى استجابة من "داعش".

ويعمل "داعش" تحت إمرة أبو بكر البغدادي، وتقاتل قواته على جبهتي محافظة الانبار العراقية وشمال سوريا، منذ شهرين تقريباً، ضد العشائر العراقية وقوات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من جهة، وضد المعارضة السورية من جهة أخرى.

وفي محاولة سعودية لتحييد "داعش"، تحدثت معلومات عن أن الرياض أوفدت الداعية عبد الله المحيسني، وهو أحد منظّري التيار السلفي، للتفاوض في حلب وإدلب مع عناصر "داعش"، لكن محاولاته جوبهت بالرفض من التنظيم. وفي وقت سابق، هاجم القيادي البارز في التيار السلفي الجهادي، عمر محمود عثمان، الشهير باسم "أبو قتادة"، تنظيم "الدولة"، ودعا أفراد التنظيم إلى الخروج على قيادتهم، معتبراً أن كل مَن يبقى معها "آثم".

ويرى مراقبون أن فروع "القاعدة" مخترقة من أكثر من جهاز أمني. ويقول عن ذلك أحد قياديي "القاعدة"، التابعين حالياً لزعيم التنظيم أيمن الظواهري، ويُلقَّب باسم "عبد الله بن محمد"، إنّ "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق تعرض لاختراقات أمنية كبيرة من قبل الاستخبارات الايرانية في العام 2007، وبدا أكثر ابتعاداً عن فكر تنظيم القاعدة". ويشير إلى أن "عمليات الاختراق تتم عادة بتجنيد أشخاص تابعين لأجهزة أمن إقليمية وزرعهم في هيئة شورى التنظيم والذي هو الأساس الشرعي للحركات الإسلامية". ويوضح "أن كل ممارسات القتل الوحشي التي تقوم بها غالباً عناصر محسوبة على تنظيم القاعدة تمتثل لأوامر من بعض قيادات مجلس الشورى، هم أبعد ما يكونوا عن نهج التنظيم، وهو ما أثار الشك في مدى التزام بعض القيادات بنَفَس القاعدة الذي كان يبغي الجهاد وليس القتل".

ويلفت بن محمد إلى أن "اختراق القاعدة تم بالطريقة نفسها لاختراق الاستخبارات الجزائرية للجماعات الإسلامية في الجزائر، عن طريق زرع قائد ميداني يدعى (زيتوني)"، وهو ما تكرر، بحسب ابن محمد، على يد استخبارات سعودية وايرانية منذ العام 2001. كذلك استطاعت الأجهزة الأمنية السورية اختراق التنظيم في العام 2005".

المساهمون