لم تساهم ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، فور دخولها إلى المنطقة العربية، في تغيير أنظمة الحكم والسياسة فقط، بل ساهمت أيضا في تغيير بعض البنى الاجتماعية، وفي تحويل طريقة تفكير جيل الشباب على الأخص. ولأن لكل تغيير نتائج وصفات وقادة ومنتجات وأسواقا، فقد أسهم وجود الشبكات الاجتماعية في الكويت في ظهور موضات جديدة، وعلى رأسها ظاهرة "الفاشينستات".
أصل الكلمة
لا يعرف أصل كلمة فاشينستا ومتى تم استحداثها لكن بحثا طويلا عن أصل الكلمة قادنا إلى أنها بدأت في الظهور على يد كاتب السير الذاتية والصحافي ستيفن فريد في كتابه "مأساة الموديل جيا كارنيجي"، والذي يحكي قصة حياة وموت عارضة الأزياء الأميركية جيا كارنيجي وإصابتها بمرض الإيدز آخر أيامها.
وبعد عشرين سنة من إصدار الكتاب وظهور الكلمة فيه وانتشارها انتشارا مهولا في أنحاء العالم كتب ستيفن مقالة أبدى فيها اعتذاره لكافة اللغوين على نحته هذه الكلمة قائلا: أعتذر على هذه الجريمة التي قمت بها، ويضيف ستيفن: أعتذر إلى زوجتي وناشري اللذين رفضا هذه الكلمة فور قراءتهما لها، لقد صُدما كما صدمت عندما علمنا انها وضعت في قاموس أكسفورد.
وكلمة "فاشينستا" تعني كما يقول قاموس أكسفورد مصممة الأزياء الراقية او المهتمة بالأزياء التي تملك متابعين كثيرين.
وبعيدا عن أصل التسمية، وما استقرت عليه، فإن ظهور الفاشينستا كظاهرة في المجتمع الكويتي بدأ مع انتشار برنامج الانستغرام تحديدًا، حيث بدأت بعض الفتيات المهتمات بالموضة والمكياج بمشاركة صور وتقارير مبسطة عن آخر صيحات الموضة بشكل عفوي ودون دافع تجاري أو مهني. غالب هؤلاء المشاركات، موظفات وطالبات، تستهويهن الموضة، ولا يمارسنها كمهنة- كما كن يقلن - في عديد المقابلات التلفزيونية بعد ذلك.
ومع ازدياد أعداد المتابعين، وازدياد اجتذاب المهتمات بالموضة لأهم فئات المستهلكين، وهي فئة الشباب من الطبقة الوسطى، تنبه المسوقون إلى القوة الجماهيرية التي تملكها "الفاشينستات"، فسارعت شركات الإعلان والعلاقات العامة، إلى احتكار الشهيرات منهن بعقود ضخمة، ومن ثم العمل على توسيع سوق المتابعين لديهن من الكويت إلى الخليج العربي بأكمله، في مهمة "إعلانية وإعلامية" مثيرة.
سوق إعلاني كبير
ومع توسع أعداد المتابعين، وكثرتهم، زاد عدد "الفاشينستات" بسبب الحاجة المتزايدة لسوق الإعلانات لهن، وبدل أن تعلن "الفاشينستا" كما هو مفترض لها، عن المكياج والموضة فقط، وعلى نطاق ضيق، أصبحت الواحدة منهن تهدد مؤسسات إعلامية بأكملها، وتنتج إعلانات اكثر مما تنتج الصحف الكبيرة في الكويت: "اذا كنت صاحب عمل تجاري، فإن أول عمل يمكن أن تفكر به، هو أن تقوم بحفل افتتاح وتحضر عددا منهن، قبل أن تفكر بالإعلان في التلفاز أو في الصحف او في الطرقات، أو في أي طريقة تقليدية أخرى". يضيف حسام محمد في حديثه للعربي الجديد، وهو موظف عربي في شركة إعلانات متوسطة في الكويت: "عليك أولا أن تجلب شخصية مشهورة تجرب لك منتجك أمام الآخرين، إذا كان لديك مدرسة أطفال فإن أول عمل تقوم به هو أن تدعو "الفاشينستا" لتجرب كراسي المدرسة، واذا كان لديك مطعم، فإن أول برغر يجب أن تٌطبخ في مطعمك هي برغر "الفاشينستا"، واذا كان لديك شركة عقارية، فيجب أن تدعو (الفاشينستا) لتتحدث عن مميزات عقاراتك وسرعة إيجارها وبيعها".
تحولات اجتماعية
يرى حسام أن الفاشينستات تحولن إلى آلات إعلانية ضخمة والجميع مستفيد. ويضيف: "ما زال هناك سوق تقليدي للإعلان في الكويت، لكن المستقبل للشبكات الاجتماعية بلا شك، إنها ليست ظاهرة كويتية أو خليجية بحتة، بقدر ما هي ظاهرة عالمية، لكن نموها في الكويت أسرع".
يقول الباحث الكويتي ناصر المجيبل، المتخصص في الإعلام، لـ"العربي الجديد": "ظاهرة (الفاشينستا) تمثل مرحلة طبيعية من مراحل تطور الأسواق، فالمنتجون بحاجة لابتكار، واستثمار أي وسيلة جديدة تساهم بالترويج لمنتجاتهم. وكانت ظاهرة فتيات الانستغرام فرصة جديدة للمنتجين للدخول في أسواق والوصول لشرائح جديدة من المستهلكين".
ويرى المجيبل أن هذا التطور لا يعتبر مشكلة بحد ذاته، فهو وسيلة ترويج وتسويق، كأي وسيلة ترويج تجارية أخرى، سواء اتفقنا مع تفاصيلها الفنية أم لا.
لكنه يضيف: "المشكلة من وجهة نظري هي التداخل في حياة "الفاشينستا "التجارية والشخصية في ذهن المستهلك أو المتابع. فالمتابعون يعتقدون أن حياة هؤلاء الناس هي الحياة الطبيعية والمثالية، وحياتهم هي حياة غير طبيعية وبحاجة لإصلاح. بل أصبح الجمهور يرى، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أن جميع من حوله يحيا حياة رائعة سواه هو. ويرجع التفسير أن الناس، والفاشينستا خصوصاً، لا يعرضون إلا الجانب الجميل من حياتهم اليومية، والذي يمثل ثواني معدودة من أصل ساعات طويلة خفية".
ويضيف معد برنامج "شعيب شو"، عما إذا كانت هذه الظاهرة تمثل ندّا لوسائل الإعلام التقليدية: "إنها ليست ندّا، بل هي تطور طبيعي. فالآيفون (الأجهزة الذكية) ليس نداً لأجهزة الهواتف التقليدية، لكنه نسخة مطورة تمثل التطور الطبيعي في صناعة الاتصالات. وظاهرة الفاشينستا هي نسخة مطورة من صناعة الإعلام والتسويق وسيأتي وقت تصبح فيه وسيلة تقليدية تستبدلها وسائل جديدة".
وجود وشهرة "الفاشينستات" عرضهن لهجوم متواصل من قبل المحافظين ونجوم وسائل التواصل الاجتماعي الآخرين في الكويت، والذين يقولون إنهن ينتهكن القيم والخصوصية الثقافية الكويتية، عبر طريقة لباسهن وتصرفاتهن، لكن الفاشينستات يدافعن عن أنفسهن بوصفهن فتيات عاديات يمارسن حياتهن الطبيعية أمام شاشات الهاتف ليس إلا، لكن هجوما آخر يقول إنهن ساهمن في مضاعفة الثقافة الاستهلاكية في المجتمع، والترف المبالغ فيه، خصوصاأن الفئة المستهلكة هي المراهقات، ممن لا يملكن دخلا ماديا ثابتا.
أصل الكلمة
لا يعرف أصل كلمة فاشينستا ومتى تم استحداثها لكن بحثا طويلا عن أصل الكلمة قادنا إلى أنها بدأت في الظهور على يد كاتب السير الذاتية والصحافي ستيفن فريد في كتابه "مأساة الموديل جيا كارنيجي"، والذي يحكي قصة حياة وموت عارضة الأزياء الأميركية جيا كارنيجي وإصابتها بمرض الإيدز آخر أيامها.
وبعد عشرين سنة من إصدار الكتاب وظهور الكلمة فيه وانتشارها انتشارا مهولا في أنحاء العالم كتب ستيفن مقالة أبدى فيها اعتذاره لكافة اللغوين على نحته هذه الكلمة قائلا: أعتذر على هذه الجريمة التي قمت بها، ويضيف ستيفن: أعتذر إلى زوجتي وناشري اللذين رفضا هذه الكلمة فور قراءتهما لها، لقد صُدما كما صدمت عندما علمنا انها وضعت في قاموس أكسفورد.
وكلمة "فاشينستا" تعني كما يقول قاموس أكسفورد مصممة الأزياء الراقية او المهتمة بالأزياء التي تملك متابعين كثيرين.
وبعيدا عن أصل التسمية، وما استقرت عليه، فإن ظهور الفاشينستا كظاهرة في المجتمع الكويتي بدأ مع انتشار برنامج الانستغرام تحديدًا، حيث بدأت بعض الفتيات المهتمات بالموضة والمكياج بمشاركة صور وتقارير مبسطة عن آخر صيحات الموضة بشكل عفوي ودون دافع تجاري أو مهني. غالب هؤلاء المشاركات، موظفات وطالبات، تستهويهن الموضة، ولا يمارسنها كمهنة- كما كن يقلن - في عديد المقابلات التلفزيونية بعد ذلك.
ومع ازدياد أعداد المتابعين، وازدياد اجتذاب المهتمات بالموضة لأهم فئات المستهلكين، وهي فئة الشباب من الطبقة الوسطى، تنبه المسوقون إلى القوة الجماهيرية التي تملكها "الفاشينستات"، فسارعت شركات الإعلان والعلاقات العامة، إلى احتكار الشهيرات منهن بعقود ضخمة، ومن ثم العمل على توسيع سوق المتابعين لديهن من الكويت إلى الخليج العربي بأكمله، في مهمة "إعلانية وإعلامية" مثيرة.
سوق إعلاني كبير
ومع توسع أعداد المتابعين، وكثرتهم، زاد عدد "الفاشينستات" بسبب الحاجة المتزايدة لسوق الإعلانات لهن، وبدل أن تعلن "الفاشينستا" كما هو مفترض لها، عن المكياج والموضة فقط، وعلى نطاق ضيق، أصبحت الواحدة منهن تهدد مؤسسات إعلامية بأكملها، وتنتج إعلانات اكثر مما تنتج الصحف الكبيرة في الكويت: "اذا كنت صاحب عمل تجاري، فإن أول عمل يمكن أن تفكر به، هو أن تقوم بحفل افتتاح وتحضر عددا منهن، قبل أن تفكر بالإعلان في التلفاز أو في الصحف او في الطرقات، أو في أي طريقة تقليدية أخرى". يضيف حسام محمد في حديثه للعربي الجديد، وهو موظف عربي في شركة إعلانات متوسطة في الكويت: "عليك أولا أن تجلب شخصية مشهورة تجرب لك منتجك أمام الآخرين، إذا كان لديك مدرسة أطفال فإن أول عمل تقوم به هو أن تدعو "الفاشينستا" لتجرب كراسي المدرسة، واذا كان لديك مطعم، فإن أول برغر يجب أن تٌطبخ في مطعمك هي برغر "الفاشينستا"، واذا كان لديك شركة عقارية، فيجب أن تدعو (الفاشينستا) لتتحدث عن مميزات عقاراتك وسرعة إيجارها وبيعها".
تحولات اجتماعية
يرى حسام أن الفاشينستات تحولن إلى آلات إعلانية ضخمة والجميع مستفيد. ويضيف: "ما زال هناك سوق تقليدي للإعلان في الكويت، لكن المستقبل للشبكات الاجتماعية بلا شك، إنها ليست ظاهرة كويتية أو خليجية بحتة، بقدر ما هي ظاهرة عالمية، لكن نموها في الكويت أسرع".
يقول الباحث الكويتي ناصر المجيبل، المتخصص في الإعلام، لـ"العربي الجديد": "ظاهرة (الفاشينستا) تمثل مرحلة طبيعية من مراحل تطور الأسواق، فالمنتجون بحاجة لابتكار، واستثمار أي وسيلة جديدة تساهم بالترويج لمنتجاتهم. وكانت ظاهرة فتيات الانستغرام فرصة جديدة للمنتجين للدخول في أسواق والوصول لشرائح جديدة من المستهلكين".
ويرى المجيبل أن هذا التطور لا يعتبر مشكلة بحد ذاته، فهو وسيلة ترويج وتسويق، كأي وسيلة ترويج تجارية أخرى، سواء اتفقنا مع تفاصيلها الفنية أم لا.
لكنه يضيف: "المشكلة من وجهة نظري هي التداخل في حياة "الفاشينستا "التجارية والشخصية في ذهن المستهلك أو المتابع. فالمتابعون يعتقدون أن حياة هؤلاء الناس هي الحياة الطبيعية والمثالية، وحياتهم هي حياة غير طبيعية وبحاجة لإصلاح. بل أصبح الجمهور يرى، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أن جميع من حوله يحيا حياة رائعة سواه هو. ويرجع التفسير أن الناس، والفاشينستا خصوصاً، لا يعرضون إلا الجانب الجميل من حياتهم اليومية، والذي يمثل ثواني معدودة من أصل ساعات طويلة خفية".
ويضيف معد برنامج "شعيب شو"، عما إذا كانت هذه الظاهرة تمثل ندّا لوسائل الإعلام التقليدية: "إنها ليست ندّا، بل هي تطور طبيعي. فالآيفون (الأجهزة الذكية) ليس نداً لأجهزة الهواتف التقليدية، لكنه نسخة مطورة تمثل التطور الطبيعي في صناعة الاتصالات. وظاهرة الفاشينستا هي نسخة مطورة من صناعة الإعلام والتسويق وسيأتي وقت تصبح فيه وسيلة تقليدية تستبدلها وسائل جديدة".
وجود وشهرة "الفاشينستات" عرضهن لهجوم متواصل من قبل المحافظين ونجوم وسائل التواصل الاجتماعي الآخرين في الكويت، والذين يقولون إنهن ينتهكن القيم والخصوصية الثقافية الكويتية، عبر طريقة لباسهن وتصرفاتهن، لكن الفاشينستات يدافعن عن أنفسهن بوصفهن فتيات عاديات يمارسن حياتهن الطبيعية أمام شاشات الهاتف ليس إلا، لكن هجوما آخر يقول إنهن ساهمن في مضاعفة الثقافة الاستهلاكية في المجتمع، والترف المبالغ فيه، خصوصاأن الفئة المستهلكة هي المراهقات، ممن لا يملكن دخلا ماديا ثابتا.