تحت عنوان "الغرافيك العراقي المعاصر"، يُفتتح عند السابعة من مساء الغد المعرض الذي ينظمّه غاليري "قاعة بوشهري للفنون" في العاصمة الكويتية، ويتواصل حتى 20 حزيران/ يونيو المقبل.
يتيح المعرض فرصة مشاهدة تجارب عراقية مختلفة منجزة بطريقة الغرافيك، حيث تحضر أعمال لكل من ضياء العزاوي، ورافع الناصري، وإسماعيل فتاح، وصالح الجميعي، وعلاء البشير، وإياد الموسوي.
من الفنانين المشاركين من كانوا مؤسسين لجماعة "البعد الواحد" في بغداد في ستينيات القرن الماضي، مثل ضياء العزاوي (1939) وإسماعيل فتاح (1934-2004) ورافع الناصري (1941-2013)، حيث انهمك كثير من فناني بغداد الستينيات، وعلى وجه الخصوص العزاوي، باستكشاف أنفسهم وفنهم من خلال الغرافيك.
بالنسبة إلى فتاح (1934-2004)، فهو من الرسّامين والنحاتين الذين اشتغلوا على الحفر الغرافيكي على فترات مختلفة تغيّر فيها أسلوبه في عقدي السبعينيات والثمانينيات عن التسعينيات، حيث يلجأ إلى تنفيذ التقنية الغرافيكية على مراحل متعدّدة ودرجة من التعقيد، خاصة في تلك اللوحات التي تعود إلى السبعينيات والثمانينيات. تلك التقنية التي تجعل من النسخة الأولى من العمل الفني هي ذاتها النسخة الأخيرة.
بالنسبة إلى الناصري فقد كتب مرة عن فن الحفر قائلاً "فن الحفر من أقدم الفنون التي عرفتها حضارة وادي الرافدين، ومارسه فنانو العراق القديم منذ ما يزيد عن ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد. ففي هذا الوادي ظهرت أول المحفورات في الحجر والنحاس والذهب، وتجلّت في الأختام الأسطوانية أو الصفائح المعدنية المكتوبة بالخط المسماري. وتعتبر الأختام الأسطوانية عملا فنيا راقيا، على الرغم من الطابع الوظيفي المباشر. ففيها يجتمع الرسم والحفر والطباعة (على الطين) وهذه صفات أساسية لفن الجرافيك، وما الفرق بينهما إلا المادة، فهذه على الورق وتلك على الطين".
يضيف الناصري "حفَر العراقيون القدماء الأشكال الإنسانية والحيوانية والنباتية بدقة متناهية، على الرغم من صغر حجم الأسطوانة أحياناً، بل إنهم أتقنوا النسب في تصوير شكل الإنسان أو الحيوان وخاصة الخيول والغزلان. وفي "متحف اللوفر" في باريس نماذج رائعة من هذه الأعمال، كما توجد نماذج مماثلة في متاحف عالمية أخرى. كانت تلك بداية فن الحفر، الذي ظهر فيما بعد في حضارات أخرى ليخدم وظائف وأشكال مختلفة. وما يهمنا الآن، كيف انتقلت هذه التقنيات عبر العصور لتعود إلينا بأشكال وصيغ ومواد، من مصادر مختلفة. لتشكل ما يدعى اليوم فن الغرافيك العراقي".
يذكَر الناصري أنه في عام 1978، قام العزاوي بتنظيم أول معرض من نوعه مخصّص لفن الغرافيك العراقي في لندن، ثم انتقل إلى قاعة "المتحف الوطني للفن الحديث" في بغداد لاحقاً، وبدأ الرسامون العراقييون منذ أوائل التسعينات بممارسة فن الغرافيك على نطاق واسع، بعد أن كان حكراً على المتخصّصين فقط، ومن أكثر المنتجين فيه إلى جانب المشاركين في هذا المعرض محمد مهر الدين ومحمد علي شاكر وسعدي الكعبي وكريم رسن وهاشم حنون ونزار يحيى وغيرهم.