عن دار "غاليمار" في فرنسا صدرت حديثاً رواية "العهد الروسي" للكاتبة البنغالية الهندية شومونا سينها (1973) المقيمة في باريس. تبدأ الرواية من الثمانينيات في كالكوتا، حيث تعيش مراهقة بنغالية مع والدتها التي تعنّفها وترفضها، كما أنها بلا أصدقاء ومنبوذة من أقرانها.
تغرق الفتاة في القراءة وتجد ملاذها في الكتب، والتي تقودها إلى معرفة أن دار النشر الروسية "رادوغا" كانت قد أُغلقت عام 1930، فينتابها الفضول لمعرفة مصير هذا الناشر، ولدى بحثها عن أيّة معلومات عنه تجد ابنته في بيت للمسنّين في سانت بطرسبرغ، فتقرّر أن تكتب إليها.
بحساسية ولغة شعرية، تقدّم رواية "العهد الروسي" معبرًا للقرن العشرين باتباع هذه المراهقة وابنة الناشر، وكلّ منهما لديها صراعها ضدّ شكل من أشكال القمع: دكتاتورية لا ترحم في روسيا نفت الكتب واضطهدت الشعراء؛ وحياة المراهقة وصراعها الخاص بالعائلة والتقاليد الخانقة في الهند.
شومونا سينها كاتبة مفتونة بالأدب الروسي، وعملها هذا تنبض فيه الأوساط الأدبية لعامي 1920-1930 في روسيا والهند. إذ تشير إلى الروابط الثقافية والسياسية بين ولاية البنغال الغربية والاتحاد السوفييتي، كما أنها تقدّم انعكاسًا لقوّة اللغة الأم والعلاقة بلغة أجنبية.
لطالما كانت مسألة اللغة الأجنبية شاغلة للكاتبة والشاعرة البنغالية، وقد صرّحت أكثر من مرّة أن وطنها لم يعد لا الهند وهو ليس فرنسا، بل إن وطنها هو اللغة الفرنسية حيث تعيش وتكتب وتتنفّس وتفكّر.
في عام 1990، حصلت سينها على جائزة أفضل شاعر شاب بنغالي، ثم انتقلت إلى باريس في عام 2001 ودرست الأدب الفرنسي في "جامعة السوربون" وهناك التقت بالكاتب الفرنسي ليونيل راي وتزوجته، وأصدرت روايتها الأولى "نافذة على الهاوية".
وحين كتبت روايتها "اقتل الفقراء" أحدثت ضجة كبيرة ونالت عنها "جائزة فاليري لاربو"، وشخصية الراوية المركزية تشبه إلى حدّ كبير سينها نفسها، واجهت بوحشية البؤس المادي ككلّ الذين هاجروا إلى أوروبا من أجل حياة أفضل. وأصبحت الرواية جزءًا من برامج علمية لمناقشة الأسئلة حول الهوية والمنفى والكتابة كامرأة والكتابة بلغة أجنبية والعلاقة بين الأدب والسياسة.
أصدرت سينها روايات "كالكوتا" التي قدّمت فيها وصفاً للتاريخ السياسي العنيف لغرب البنغال، ثم رواية "عديمو الجنسية" وهو عمل يقوم على صورة موازية لامرأتين بنغاليتين، واحدة تعيش في قرية بالقرب من كالكوتا وتعلق في مغامرة رومانسية تتسبّب في هلاكها؛ أما الأخرى فتعيش في باريس في مجتمع ما بعد تشارلي إبدو، حيث تسود العنصرية تجاه جميع الألوان.