"العفو الدولية": صحة 10 آلاف بمخيم الركبان في خطر

08 مايو 2020
مخيم الركبان (Getty)
+ الخط -
دقّت منظمة العفو الدولية ناقوس الخطر المحدق بنحو 10 آلاف شخص محاصرين في مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية في عمق البادية السورية، محذرة من أن نقص الرعاية الطبية الأساسية في المنطقة المعروفة باسم "الساتر الترابي" يعرض حياة الآلاف للخطر في ظل تفشي فيروس كورونا.

ويعاني أهالي المخيم منذ شهر فبراير/ شباط من عام 2019 من حصار القوات النظامية والروسية، وإغلاق السلطات الأردنية الحدود بشكل كامل، إضافة إلى إغلاق النقطة الطبية الأممية، التي كانت تشكل معبراً لجميع الحالات الصحية الحرجة ومنها حالات الولادة القيصرية، بحسب ما قال أبو عمران الحمصي لـ"العربي الجديد".

وأضاف "اليوم الحالات الصحية الحرجة تُجبر على اللجوء إلى مناطق سيطرة النظام، عبر التنسيق مع الهلال الأحمر، وخاصة الولادات القيصرية، ثم يتم منعها من العودة إلى المخيم، ما يشتت العائلة بين المخيم ومناطق النظام، وذلك بسبب رفض الجانب الأردني استقبالها بحجة مخاوفه من انتقال فيروس كورونا، بالرغم من أنه ليس هناك أي حالة إصابة في المخيم".

وأعربت منظمة العفو الدولية، في بيانها الخميس، عن شعورها بقلق خاص إزاء نقص الرعاية الصحية للأمهات، مما يعني أن النساء الحوامل اللاتي يحتجن إلى عملية قيصرية يُجبرن على السفر للولادة في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية. ثم تمنع قوات الأمن السورية هؤلاء النسوة من العودة إلى أسرهن في المخيم.

وبينت المنظمة أنه في المخيم ما لا يقل عن 10 آلاف شخص يفتقدون القدرة على الوصول إلى المواد المطهرة اللازمة للحماية من تفشي الفيروس. ولا يوجد أطباء في المركز الطبي الوحيد في المخيم، فيؤمن الخدمة الصحية عدد قليل من الممرضات وقابلة واحدة.

وقالت مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية لين معلوف، عبر موقع المنظمة الرسمي، إنه في منتصف مارس/ آذار تم إغلاق مركز طبي تديره اليونيسف بعدما كان المقيمون في المخيم يتلقون فيه العلاج الأساسي، بسبب فيروس كورونا، ولفتت إلى أن تاريخ آخر قافلة إنسانية سمحت الحكومة السورية بدخولها إلى منطقة الساتر الترابي يعود إلى سبتمبر/أيلول 2019.

وبيّنت أنه في مارس/ آذار أيضاً، أعلن الأردن أنه لن يسمح لمساعدات الإغاثة بالمرور عبر أراضيه إلى المخيم، مشيراً إلى مخاوف من انتشار الوباء.

وذكرت معلوف أن السلطات الأردنية تمتلك كامل الحق في السعي لحماية سكّان الأردن من الإصابة بكورونا، لكن يجب ألا يتسبب هذا السعي بتعريض حياة الآخرين للخطر.

ورأت أنه يجب على السلطات الأردنية السماح للباحثين عن العلاج الطبي بالوصول إلى المرافق في الأردن، والسماح أيضاً بوصول المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية إلى المنطقة.

وقالت المسؤولة في المنظمة، في ختام حديثها، " يفتقر الأشخاص المقيمون في مخيمات الساتر الترابي إلى الغذاء والمياه الصالحة للشرب والأدوية منذ أكثر من أربع سنوات، وبشكل متزايد في العامين الماضيين؛ ويجب على الحكومتين السورية والأردنية ضمان إمكانية الوصول إلى المساعدات الإنسانية، بشكل عاجل، وبلا قيود".

من جانبه، تحدث أبو بلال المحمد، عن واقع المخيم لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن "أهالي المخيم الهاربين من مناطق عدة، جراء القصف والأعمال العسكرية، قد مضى على وجودهم في الركبان عدة سنوات، بالرغم من أنها منطقة لا يتوفر بها أي شيء من المقومات الأساسية للحياة، فهي منطقة قاحلة، بمناخ صحراوي قاسٍ، وعواصف غبارية تكاد لا تغيب عنها، والأهالي يسكنون إما بخيام لا تقي من حر النهار ولا برد الليل، وإما بغرف طينية سقفها عبارة عن شادر من النايلون".

وأضاف "على الرغم من الحصار الشديد، واقتصار المواد الغذائية على بعض المواد مثل الأرز والبرغل والزيت والسكر والطحين، في حين لم نشاهد الفواكه والخضر منذ أشهر طويلة، يبقى هذا الجوع أخف بكثير من أن يكون أحد أفراد العائلة يعاني من حالة صحية صعبة قد تهدد حياته والجميع يقف عاجزاً أمامه".

وأعتبر أن "أهالي المخيم يتعرضون لضغط من كامل الأطراف لإجبارهم على العودة إلى مناطق النظام، في حين يطالبون بفتح طريق للانتقال إلى الشمال السوري، والسماح بإدخال مواد غذائية ومساعدات إنسانية بشكل دوري، وبأسعار مناسبة".  


من جهته، حكى أبو أنس خضر، من سكان المخيم لـ"العربي الجديد"، أن "جاره تعرض قبل أيام إلى الإصابة بجلطة دماغية، فتم التنسيق مع الهلال الأحمر، الذي استقبله عند آخر حاجز لمناطق النظام، ونقله إلى المشفى في دمشق".

وأضاف "سكان المخيم الذين بالكاد يستطيعون شراء ما يسد رمقهم، يقفون عاجزين عن شراء الأدوية جراء أسعارها المرتفعة، والتي تتوفر حيناً وتنقطع أحياناً كثيرة". 

يشار إلى أن مخيم الركبان وصل إلى ذروته من حيث عدد السكان خلال عامي 2015-2016، حيث قدر عددهم حينها بنحو 80 ألف شخص، إلا أن عشرات الآلاف منهم غادروه تحت الضغوط المعيشية والصحية إلى مناطق الشمال عبر طرق التهريب المكلفة مادياً والخطرة بذات الوقت، وإلى مناطق النظام بالرغم من جميع المخاطر والضغوط التي يتعرضون لها.