تتجه أنظار اليمنيين إلى الهدنة المرتقبة المقرر أن تبدأ الأحد المقبل، فيما حصل "العربي الجديد" على المسودة التي قدمتها الأمم المتحدة لاتفاق وقف إطلاق النار، بعد يوم من إعلان الناطق باسم الجماعة محمد عبدالسلام استلامها وتقديم ملاحظات حولها قبل الموافقة النهائية.
وأكدت مصادر سياسية قريبة من الحوثيين لـ"العربي الجديد"، أن الجماعة وحليفها حزب "المؤتمر الشعبي" الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، لا يزالان بانتظار نسخة معدلة من مسودة إطلاق النار تستوعب الملاحظات المقدمة من الطرفين، بعدما أعلنا، الخميس، تسليم الملاحظات للأمم المتحدة.
ووفقاً لوثيقة مسرّبة حصل عليها "العربي الجديد"، فإن المسودة الأولية التي رفضتها الجماعة تتألف من 20 بنداً وتنص على أن يوافق الحوثيون وحزب المؤتمر على وقف الأعمال القتالية بدءاً من 10 أبريل/ نيسان، الساعة 23.59 مساء الأحد (أي الإثنين عملياً). ومن اللافت أن هذا البند الذي جاء في مقدمة الوثيقة اقتصر على موافقة شريكي الانقلاب بوقف إطلاق النار ولم يسم الطرف الآخر، الأمر الذي يثير تحفظاً من الحوثيين.
وتتضمن المسودة بنداً مثيراً وهو الرابع الذي "يسمح فقط باستخدام القوة بغرض الدفاع عن النفس"، ويشترط "أن يكون باستخدام الحد الأدنى من القوة اللازمة للرد على هجوم مباشر أو لإعادة أو لضمان الأمن فقط في المنطقة التي تتواجد بها القوات التابعة للطرف المعني". وهو البند الذي يمكن أن تندرج تحته الخروق المتوقعة، ويخشى معه الحوثيون أن يكون غطاءً لاستمرار العمليات الجوية.
كما تتضمن المسودة بنداً يلزم الحوثيين وحزب المؤتمر بـ"التهدئة الإعلامية وتوجيه الخطاب في اتجاه دعم الحل السلمي"، وأن "يتم اختيار 4 من كبار الضباط العسكريين وضابطي عمليات متوسطي الرتبة، يمثلون أنصار الله والمؤتمر ليكونوا أعضاء في لجنة التهدئة والتنسيق". ومن الملاحظ أيضاً، أن النص يلزم الانقلابيين بالتهدئة الإعلامية ويحدد نسبة تمثيلهم في لجنة التهدئة ولم يحدد نسبة الطرف الآخر ممثلاً بالحكومة الشرعية.
وفي البنود من الثامن وحتى الـ13 تحدد المسودة تفاصيل متعلقة بـ"لجنة التهدئة" المشرفة على وقف إطلاق النار، وتتضمن أن تجتمع لجنة التهدئة والتنسيق في الكويت خلال فترة المشاورات ويحدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مكان انعقادها بعد ذلك بالتشاور مع الأطراف"، كما تقوم اللجنة بالتواصل "مع اللجان المحلية لتثبيت وقف الأعمال القتالية".
ووفقاً للمسودة، "تكون لجنة التهدئة والتنسيق مسؤولة عن التنسيق والتشاور مع الأطراف عند وقوع حوادث لتفادي حصول تصعيد". وتتضمن المسودة بنداً لافتاً وهو أنه لا يحق للجنة التهدئة "تحميل مسؤولية الخروق لأي من الأطراف أو رفع تقارير بشأنها إلا للأمم المتحدة"، ويحظر على أعضائها التواصل مع الإعلام أو إصدار أي معلومات أو تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتتضمن أيضاً أن "يضطلع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، أو مسؤول آخر يعيّنه من الأمم المتحدة، بكافة أنشطة التواصل أو التقارير المتعلقة بعمل لجنة التهدئة طيلة فترة وقف الأعمال القتالية".
إجراءات عملية
تتضمن المسودة بنوداً وإجراءات عملية، منها ما جاء في البند الثالث، أنه "يجوز للقيادات العسكرية المحلية الاتفاق في ما بينها على العمل على فك الاشتباك وإبعاد الآليات والوحدات العسكرية المحلية إلى خارج نطاق المدى الفعال للأسلحة المتوفرة".
وفي البنود من الـ14 وحتى الـ20 يفصّل الحديث عن اللجان الميدانية، تبدأ "بتأسيس لجان محلية لتثبيت وقف الأعمال القتالية فور الاتفاق على إجراءات وقف الأعمال القتالية في تعز وشبوة ومأرب والضالع والبيضاء"، وتتألف كل لجنة محلية من 8 على الأقل من الوجهاء المحايدين المقبولين لدى الطرفين.
ووفقاً للمسودة، "تنخرط اللجان المحلية لتثبيت وقف الأعمال القتالية بصورة استباقية مع القادة العسكريين المحليين من كل التشكيلات العسكرية من الأطراف في منطقتهم"، و"ترسل اللجان المحلية لتثبيت وقف الأعمال القتالية تقاريرها عن أي أنباء أو ادعاءات بحدوث خروقات إلى لجنة التهدئة والتنسيق"، وتعمل "مع الأطراف على دعم إجراءات بناء الثقة المحلية، من بينها إطلاق سراح وتبادل الأسرى".
وبحسب المسودة، "يجوز للجان المحلية أن تساعد في التحضير لإجراءات انسحاب المليشيات والمجموعات المسلحة بحسب الاقتضاء وعملاً بالاتفاقات التي تفضي إليها المشاورات برعاية الأمم المتحدة"، ويتم تفعيل هذه اللجان "قبل بدء وقف الأعمال القتالية من أجل فتح قنوات التواصل مع القادة العسكريين من كل الأطراف"، و"أثناء وقف الأعمال القتالية، تتواصل اللجان المحلية بصورة نشطة مع المجتمع المدني من أجل تعزيز الالتزام العام بوقف الأعمال القتالية".
إجمالاً، كان أبرز ما يلفت الانتباه في الوثيقة أنها تسمي الحوثيين وحلفاءهم ولم تسم الطرف الآخر، بالإضافة إلى أن بعض البنود تشير إلى أن الوثيقة أعدت في فترة سابقة، كما أنه ليس معروفاً السقف الزمني لإنجاز كل بند فيها، فضلاً عن أنها لم تشر صراحة إلى ضربات التحالف سوى الإشارة الى الضربات الجوية التي لا يمتلكها الا التحالف، ولم تشر الوثيقة المسربة إلى مسألة تسليم السلاح أو الانسحاب من المدن كونها ركزت على تثبيت وقف إطلاق النار وبقاء كل طرف في حدود المناطق التي يسيطر عليها.
"التحالف" يلتزم بالهدنة طالما التزم بها الانقلابيون
في هذه الأثناء، أعلن المتحدث باسم التحالف العربي العميد أحمد عسيري، أن التحالف مستعد للالتزام بوقف إطلاق النار، طالما التزم الانقلابيون بقرار مجلس الأمن الذي يدعو إلى انسحابهم من المدن اليمنية.
وقال عسيري لوكالة "أسوشيتد برس"، إن على الحوثيين إظهار التزامهم بمحادثات السلام المقررة في 18 أبريل/ نيسان الجاري، والتي قد تسفر عن تسوية سياسية. وأضاف أن على المتمردين الاعتراف بحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وتسليم أسلحتهم الثقيلة.