وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه: "استقر في يقينها وأطمأن إليها ضميرها وارتاح إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهم أحمد محمود محمد نظيف وخلال المدة من عام 1983 وحتى فبراير/شباط 2011، والتي تولى فيها وظائف إدارية في الدولة بدءا بأستاذ بالجامعة ثم وزير للاتصالات ثم رئيس لمجلس الوزراء تحصّل لنفسه ولزوجته المتوفاة منى السيد عبد الفتاح والحالية زينب عبد اللطيف زكي وولديه شريف وخالد على كسب غير مشروع، مستغلا سلطان وظائفه بلغ بإجمالي 53 مليونا و350 ألف جنيه، عبارة عن مبلغ مليون ومائتين وتسعة وتسعين ألف وستة عشر جنيها هدايا تحصل عليها من مؤسسات صحفية قومية مملوكة للدولة".
وأضافت المحكمة أنه: "حصل لزوجته المتوفاة على وحدة سكنية بأبراج سان إستيفانو بثمن يقل عن قيمتها الحقيقية وبتسهيلات سداد غير متبعة مع الآخرين من العامة والتي تبلغ قيمتها 11 مليونا و580 ألف جنيه، كما تحصل على قطعة أرض من جهاز مدينة الشيخ زايد بثمن يقل عن سعرها بمخالفة لإجراءات التخصص في هذا الشأن وتنازل عنها لأجنبية بمبلغ 250 ألف جنيه وعدم تحصيل رسوم التنازل عنها بمبلغ مائة ألف جنيه".
ووفقاً للحيثيات فقد أسس نظيف مؤسسة تعليمية بزعم أنها ذات نفع عام وتولت إدارتها زوجته المتوفاة ومن بعدها ولداه وجمع تبرعات لإقامتها بمبلغ 34 مليونا و116 ألف جنيه رغم أن أرباحها له ولذويه، إضافة إلى استغلال وظيفته لبناء مقابر بالمخالفة لقواعد التخصيص بما يحقق كسبا غير مشروع بمبلغ 130 ألف جنيه، وهو ما مكّن زوجته الحالية من كسب غير مشروع قدره مليون و171 ألف جنيه بتعيينها عضو مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وتحصلها على مكافآت على خلاف القانون بصفتها ممثلة لشركة القرية الذكية رغم وجوب إضافتها للجهة الممثلة لها وزيادة ثروتها بمبلغ 4 ملايين و770 ألف جنيه بما لا يتناسب مع موارد دخله.
وأوضحت أيضاً أن تحريات عضو الرقابة الإدارية محمد طلعت أحمد والمقدم حمدي محمود هاشم بمباحث الأموال العامة وما ثبت من تقارير خبراء الكسب غير المشروع بوزارة العدل والجهاز المركزي للمحاسبات وكتب المؤسسات الصحفية بشأن الهدايا، والتضامن الاجتماعي وبشأن مؤسسة تنمية الطفل وأوراق التعاقدات والتخصيص التي أجراها المتهم مع الجهات الحكومية وغير الحكومية تؤكد: "تضخم ثروة نظيف نتيجة استغلال سلطات وظيفته كوزير اتصالات ثم رئيس لمجلس الوزراء، في تعيين أبنائه في شركات أجنبية تتعامل مع الحكومة المصرية مقابل رواتب ضخمة، إضافة إلى استغلاله وظيفته في ضخ أموال من الجهات الحكومية بمؤسسة تقوم زوجته وأبناؤه بإدارتها والسيطرة عليها بزعم النفع العام حال مباشرتها التعليم الخاص ودفع بعض الجهات للتبرع لهذه المؤسسة والتي لم تقم الجهات الحكومية بمراقبتها".
وأشارت الحيثيات إلى أن نظيف: "استغل صفته الوظيفية لإصدار القرار رقم 2071 لسنة 2008 موقعا منه بتأجير مساحة 14 ط 14 ف لتلك المؤسسة بمقابل رمزي، كما تحصل على هدايا من المؤسسات الصحفية القومية مستغلا ذات السلطات".
اقرأ أيضاً: فصل "نظيف" من جامعة القاهرة لإدانته بـ"الكسب غير المشروع"
واستندت المحكمة في حيثيات حكمها إلى شهادة عدد من شهود الإثبات ومن بينهم محمد عهدي فضلي رئيس مجلس إدارة "أخبار اليوم" سابقا، بتحقيقات النيابة أنه وفي الفترة التي ترأس فيها مجلس الإدارة من عام 2005 وحتى عام 2009، والذي شهد بأنه دأب بصفته رئيس مجلس إدارة المؤسسة على تخصيص مبلغ لإرسال هدايا لكبار المسؤولين بالدولة والتي كانت ترسل إليهم لما لهم من تأثير على صانع القرار ولتمكين رؤساء مجالس الإدارة من الاستمرار في مناصبهم ومن بينهم نظيف.
وذكرت المحكمة في حيثياتها أنه: "ثبت من تقرير مصلحة الخبراء بإدارة الكسب غير المشروع والخاص بالشق الهندسي المدني والميكانيكي والحسابي وجود مصروفات غير معلوم مصدرها بقيمه 4 ملايين و707 آلاف و98 جنيها، إضافة إلى أن تقرير مصلحة الخبراء بالكسب غير المشروع أثبت وجود مخالفات في إجراءات تخصيص أراضٍ وعقارات مملوكة للدولة بالمخالفة للقواعد، كما ثبت من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أن المساحة المؤجرة من جانب شركة القرية الذكية التابعة لوزارة الاتصالات إلى مؤسسة تنمية الطفل والمجتمع إضافة إلى قيام الشركة بالتبرع للمؤسسة المذكورة بمبلغ 10 ملايين جنيه خلال عامي 2007 و2008 وحصول زوجة المتهم نظيف على مكافآت عضويتها بمجلس الإدارة بصفة شخصية وصلت إلى مليون و171 ألف جنيه عن الفترة من 2006 حتى عام 2010".
وردّت المحكمة على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسداد المتهم وتصالحه في 5 فبراير/شباط 2013 بأن: "قبول الهدايا يشكل جريمة الكسب غير المشروع بالنسبة له يختلف موضوعها عن موضوع الدعوى محل الدفع، كما أن سداد نظيف لقيمة هدايا مؤسسة الأهرام لا ينفي عنه ذات الجريمة بكسبه لهذه الهدايا في حينها استغلالا لسلطات وظيفته، وهو بكون الدفع على غير سند خليقا بالرفض".
كما ردت المحكمة على الدفع ببطلان تحريات الرقابة الإدارية لمخالفة المادة الثانية من قانون إنشائها فمردود عليه بأن: "المتهم حال التحري لم يكن يشغل ثمة منصبا في الدولة، كما أن تقدير هذه التحريات وجديتها مرجعه لهذه المحكمة التي تطمئن إليها وتأخذ بها، وهو ما يكون معه الدفع بلا سند".
وردت المحكمة على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية وبطلان إحالة المتهم لحفظ الملف لعدم وجود شبهة كسب غير مشروع فمردود الدفع بأن: "المتهم حال تقديمه إقرارات ذمته المالية كان في وظيفته تمكن من حجب ما يشاء مما يكتسبه بطرق غير مشروعة والحيلولة دون وصول أي جهات رقابية إليها، وبعد أن زال سلطانه في الأمر قد تكشف كما أن حفظ الملف ليس له حجّية إذا ما تبين أنه كان يوجد غش أو نحوه في تقديم الإقرارات وهو ما يكون معه الدفع بغير سند خليقا بالرفض".
وأوضحت المحكمة أنها: "لم تطمئن إلى الدفوع الأخرى التي قدمها الدفاع بالطعن بالتزوير على الصفات المسبغة من هيئة الفحص بقرار الإحالة على زوجة المتهم، وما يترتب عليه من آثار وبطلان ما قامت به هيئة الفحص والاطلاع على الإقرارات الخاصة بالمتهم لسريتها والطعن بالتزوير على أمر الإحالة وببطلان في ما يتعلق بمؤسسة تنمية الطفل والمجتمع فهو دفاع في غير محله؛ إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيا في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه مما تستقل به هذه المحكمة، ولما كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الواقعة وسائر الأدلة الأخرى التي أوردتها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولها أصلها وسندها وصداها بالأوراق فلا يجوز منازعتها في شأنه ويكون معنى الدفاع في هذا الصدد غير سديد بعيدا عن حجة الصواب بما يتعين الالتفات عنه".
وأوضحت المحكمة، أنها: "عاقبت نظيف بالعقوبة المناسبة، حيث إن عقوبة الكسب غير المشروع المقررة قانونا تتراوح ما بين 3 سنوات وحتى 15 عاما، ولكن المحكمة راعت شيخوخته، وأنه تخطّى السبعين عاما".
وفسرت المحكمة أن: "الحكم الصادر ضده في إعادة المحاكمة بالسجن 5 سنوات، أكثر من حكم محكمة أول درجة الذي صدر بالسجن 3 سنوات؛ لأن النيابة طعنت على الحكم، إلى جانب المتهم، ما يعطي المحكمة الحق في تشديد العقوبة، مشيرا إلى أن الحكم ليس نهائيا ولكن واجب النفاذ ويجوز الطعن عليه بالنقض".
أقرأ أيضاً: مصر: صدور حكم اليوم على آخر رئيس وزراء مبارك