"العربي الجديد" يرصد الوضع داخل كركوك مع إجراء استفتاء كردستان

25 سبتمبر 2017
نسبة المشاركة تجاوزت 60 بالمائة (فرانس برس)
+ الخط -

بدت مدينة كركوك مع غروب شمس اليوم الاثنين، كأنها نصفان متباعدان، رغم أن القلعة التاريخية تمسك بطرفيهما، حيث بدا النصف الأول ذو الغالبية العربية والتركمانية كمدينة أشباح لا حركة فيها، بينما سادت الاحتفالات بالجزء الثاني الذي يحوي على قومية كردية وتركمانية.

قوات البشمركة تنتشر في كل مكان يرافقهم مسلحون بزي كردي وبنادق كلاشنكوف يتوزعون على الأحياء المختلفة والأسواق، بما فيها الأحياء العربية والتركمانية، وسط حالة حذر شديدة بأجزاء واسعة من المدينة.

وبدأت قوات كردية بتطبيق قرار الحظر على السيارات بمختلف أنواعها، كما منعت الدراجات النارية والهوائية من الحركة بالمناطق الرئيسية وسط المدينة وقرب القلعة الأثرية.

وقال مسؤول بالشرطة العراقية لـ"العربي الجديد"، إن "الشرطة المحلية لم تتدخل في تلك الإجراءات كونها تابعة لوزارة الداخلية، وصدرت لنا أوامر بعدم التفاعل مع الاستفتاء أو توفير حماية له"، مبيناً أن البشمركة والأسايش هي من تسيطر على المدينة الآن.

وأغلقت أبواب المحلات والأسواق مبكراً بعد ساعات من حمى تسوق انتابت السكان في المدينة البالغ عددها أكثر من مليون مواطن.

من يسير في شارع طريق بغداد، وهو الشريان الرئيسي لمدينة كركوك يلاحظ أنه بدا خالياً من أي نشاط لا مارة ولا سيارات ولا أصوات الباعة ولا العائلات التي تجلس على جانبيه، باستثناء الأعلام الكردية التي رفعت استفزازاً في الشارع، خاصة قرب مقرات الجبهة التركمانية.

وغالبية الأحياء العربية والتركمانية لم تشارك في عملية التصويت الخاصة بالاستفتاء، وهذا يعطي مؤشراً على مقاطعة المكونين العربي والتركماني للاستفتاء في مناطقهم التي يشكلون أكثرية فيها.

وفي الجانب الأخير في الأحياء الشمالية، وهي رحيماوة والشورجة وأمام قاسم وشوان والتي يقطنها غالبية من الكرد تجد الاحتفالات واسعة، حيث تنحر الذبائح وتوزع الحلوى هنا وهناك، واحتفالات مختلفة والمشاركة في المناطق الكردية تكاد تكون كبيرة حيث صوت الغالبية بنعم.

ومع اقتراب إغلاق مراكز الاقتراع في كركوك والبالغ عددها 244 مركزاً، تشير إحصاءات أن نسبة المشاركة تكاد تتجاوز 60 بالمائة، حيث من المقرر أن يشارك أكثر من 900 ألف ناخب، وسط مقاطعة عربية وتركمانية لاستفتاء تقرير المصير.

وفي هذه الأجواء، فرضت السلطات المحلية في محافظة كركوك حظراً للتجوال، وأعلنت قيادة شرطة كركوك أنها فرضت حظراً للتجوال على سير السيارات إلى إشعار آخر، ويأتي هذا الإعلان للحفاظ على سلامة وأمن المدينة وعدم حدوث اشتباكات مسلحة بين مكونات المحافظة المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.

وحذرت إدارة المحافظ المحتفلين من إطلاق العيارات النارية، داعية إياهم إلى الاحتفال بصورة سلمية بعيداً عن العيارات النارية.

ولم تشهد الأسواق التجارية وسط المحافظة أي نشاط تجاري، واكتفى أصحاب المحال بإغلاق الأسواق والجلوس في البيت وانتظار ما سيؤول إليه مصير المدينة بعد الانتهاء من استفتاء إقليم كردستان العراق، وهي عيون شاخصة على مجريات ما يحدث في كركوك مع تصاعد التهديدات من قبل قيادات في مليشيات "الحشد الشعبي" باقتحام المدينة، كونها محتلة من مجاميع مسلحة حسب تصريحاتهم.

 

بطاقة كركوك الشخصية

محافظة كركوك أو محافظة التأميم (قبل غزو العراق عام 2003) محافظة في وسط شمال العراق يسكنها غالبية تركمانية مع خليط عربي وكردي وآشوري بعدة ديانات مختلفة.

المدينة عريقة تاريخياً وثقافياً والمحافظة ذات أهمية كبيرة اقتصادياً. تشتهر بالإنتاج النفطي، حيث يوجد فيها ستة حقول نفطية أكبرها في مدينة كركوك العاصمة المحلية للمحافظة، ويبلغ المخزون النفطي حوالى 13 مليار برميل يصدر النفط الشمالي عن طريق أنبوب نفط الشمال إلى ميناء جيهان التركي، وعدد سكان محافظة كركوك يبلغ 752 ألف نسمة طبقاً لعام 1997.

وبعد عام 2004 سيطرت قوات البشمركة على كركوك بشكل كامل إثر انسحاب الجيش العراقي منها، على وقع سقوط المدن العراقية بيد تنظيم "داعش"، إلا أن التنظيم لم يدخل المدينة، ومع ذلك ترفض كردستان سحب قواتها منها.

وعقب احتلال العراق أقر الحاكم المدني الأميركي، بول بريمر، قراراً، عرف باسم المناطق المتنازع عليها أو المادة 140 من الدستور، حيث تدعي أربيل أحقيتها بإدارة تلك المناطق كونها تضم سكاناً أكراداً.

ووفقاً للمادة 140 فإنه يجب تنظيم استفتاء شعبي لتقرير مصير المحافظة، إلا أنه لم يجر حتى الآن، ويتهم مسؤولون في بغداد حكومة أربيل بعمليات تغيير ديموغرافي بالمدينة وطرد للعرب والتركمان لتغليب كفتهم السكانية.