لم تكترث الأردنية سهى (اسم مستعار)، ذات العشرين عاما، لأي تهديد سيقع على حياتها وهي تغادر وطنها خفية؛ إذ هربت من إربد في شمال الأردن، إلى سورية، لتقترن بمقاتل في صفوف تنظيم جبهة النصرة، المعروفة حاليا بـ"فتح الشام"، كما تقول صديقتها التي فضلت عدم ذكر اسمها، لحساسية الأمر أمنيا واجتماعيا، قبل أن تتابع مضيفة "سهى كانت متدينة وملتزمة بالأساس، وتفاقم تدينها بعد تعرفها على مقاتل في جبهة النصرة، تمكن من إيقاعها بحبه وإقناعها بأفكاره، كنت أنا وصديقاتنا نلاحظ التغيرات التي كانت تمر بها حتى أصبحت أكثر وضوحا قبل مغادرتها بفترة وجيزة".
تجلّت تلك التغيرات بتعظيم سهى للشاب والتنظيم الذي يتبع له دوما أثناء حديثها، وبالتزامها بالزي الشرعي الكامل بدلا من الاكتفاء بالحجاب، وحديثها الدائم عن الجنة وعذاب الآخرة، في لقائها مع صديقاتها.
تعلق صديقتها "رغم تشدد سهى بالفترة الأخيرة وعلمي بمتابعتها لمقاطع مرئية وصوتية للتنظيم، لكن لم أتوقع قط أن تهرب".
سهى ليست الفتاة الوحيدة التي غادرت الأردن للالتحاق بالتنظيمات المتشددة، بل هناك أخريات تخلين عن عائلاتهنّ وهربن خفية بحثاً عن أحلام الخلافة والشهادة التي نسجها لهنّ المقاتلون في تلك التنظيمات، كما يقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية، موضحا أن التجنيد لا يتم فقط عبر مواقع التواصل بل يتسع أكثر عندما نتحدث عن التجنيد عبر أنساق القرابة. ويقدر أبو هنية أعداد الفتيات اللواتي التحقن مع أزواجهن أو عائلاتهنّ بما نسبته 15% من العدد الإجمالي للمقاتلين الأردنيين، والذي يقدره محمد أبو رمان، المتخصص بالجماعات الإسلامية، بما بين 900 مقاتل كما تقول الجهات الرسمية الأردنية و2500 مقاتل وفقا لتقديرات صادرة عن مؤسسة صوفات للاستشارات الأمنية، قائلا إنه "توجد نحو مئة أردنية عالقة عند الأكراد بعد استعادة الموصل، علاوة على الأعداد غير المعروفة للهاربات إلى العراق وسورية".
كيف تتم عملية الاستقطاب؟
يكشف "العربي الجديد" في هذا التحقيق عن الأساليب التي ينتهجها مقاتلو التنظيمات الإسلامية المتشددة، في الاستقطاب والتجنيد (شاهد الفيديو أدناه)، وأدوار المرأة حال هجرتها للأراضي الواقعة تحت سيطرتهم، إذ أنشأت معدة التحقيق صفحتين وهميتين باسم "روان أيوب وسلوى عصام"، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وعمدت إلى نشر منشورات دينية عليهما، تحدثت من خلالهما مع مقاتلين يتبعون لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتنظيم جبهة النصرة، بعد تقمصها شخصية فتاة متدينة ومحافظة، من بينهم سعد الملقب بأبو حمزة المقاتل في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي استمرت معدة التحقيق بالحديث معه عبر حساب سلوى عصام الوهمي لمدة أربعة أشهر، "حاول خلالها إقناعها بأهمية الجهاد في صفوف التنظيم عبر تطرقه للحديث عن وحشية النظام السوري وتآمر العالم أجمع ممثلاً بالتحالف الدولي عليهم وقصف التحالف الدولي للمدنيين"، على حد قوله.
حالة محمد المقاتل في تنظيم جبهة النصرة والملقب بأبو عمر الأنصاري لا تختلف كثيرا عن سعد، فهو أيضا "تحدث عن ظلم النظام السوري وما يقترفه من جرائم"، مضيفا "نجاهد لإعلاء كلمة لا إله إلا الله ولنُطيح بالطاغية بشار الذي يسانده الجميع ضدنا"، وهو ما يعلق عليه الخبير أبو رمان، قائلا "العملية تبدأ بمثل هذا التأثر العاطفي والوجداني ثم تتحول إلى عملية تأثر مفاهيمي ثم عملية إيمان واقتناع بالفكرة بشكل كامل"، بينما يفسر محامي الجماعات الإسلامية عبد القادر الخطيب دوافع الالتحاق قائلا "أكثر الفتيات اللاتي تأثرن بالفكر (الجهادي) يشعرن بغيرة وحماسة دينية"، وهو ما يؤكده أبو رمان قائلا "لدينا عدد كبير لنماذج من النساء التحقن بتلك التنظيمات وأغلبهنّ مقتنعات بهذا الفكر، ولهنّ أسباب أخرى تنفي الأسباب التي روج لها في الإعلام العربي كخرافة زواج النكاح، والظروف الاقتصادية، إذ لا يمكن أن يهرب شخص من السيئ للأسوأ ولا يمكن أن يفجر شخص نفسه ليأخذ راتباً نهاية الشهر".
اختلاف في دور المرأة بين القاعدة وداعش
أبلغنا سعد ومحمد ووسيط يدعى نضال كان يرتب لعملية تهريب معدة التحقيق إلى سورية، عن وجود أدوار عدة للمرأة في التنظيمات الإسلامية (المتشددة)، على رأسها حمل السلاح والقتال وتنفيذ عمليات "انتحارية"، سمّاها استشهادية قائلا "لا بد أن تطلبي ذلك ويتم تسجيلك حتى يحين دورك، لكن لا بد أن تتأكدي من رغبتك في الأمر، وفي الأثناء يمكن العمل في إعداد الطعام للمجاهدين، ومداواة الجرحى".
على هذا الصعيد كان محمد يركز في محاولة استقطابه روان أيوب على أهمية الدور الذي تلعبه المرأة حين تقترن بمجاهد، اذ كان يقول لها "من تتزوج مجاهدا تضحي بنفسها في سبيل الله، فهي لا تعلم متى سيموت وهل سيعود عندما يخرج أم لا، وتكفي مغادرتها الأردن والمجيء لسورية لكي تتزوج مجاهدا في أراضي الرباط، فإنها تؤجر على ذلك دون أن تفعل أي أمر فما بالك إن كانت تعد الطعام للمجاهدين وتداوي الجرحى"، وهو ما يقرأه الخبير أبو هنية على أنه "محافظة جبهة النصرة على دور المرأة كزوجة مجاهد" قائلا "تنظيم القاعدة بقي محافظاً منذ تأسيسه على يد أسامة بن لادن وفي عهد أيمن الظواهري الزعيم الحالي للقاعدة، على الأدوار النسائية الثانوية ذاتها في داخل التنظيم، بمعنى أنّ المرأة مكانها في البيت وتربية جيل جهادي، بحسب التنظيم، والمساعدة أيضاً في الأعمال اللوجستية مثل الدعاية، وهكذا فإن جبهة النصرة أو ما يعرف بجبهة تحرير الشام حاليا كانت في الخط ذاته الذي عليه تنظيم القاعدة، بمعنى أنها لم تنشئ كتائب قتالية للنساء او تغير من نظرتها للمرأة"، لكن مفهوم المرأة المجاهدة أو الانتحارية جاء مع تنظيم داعش، وفقا لما يقول الخبير أبو رمان، مرجعا الأمر إلى أن تحول نظرة التنظيم للمرأة لم يكن ذاتيا إنما كان تجاوباً مع دخول عدد كبير من النساء الغربيات إلى تنظيم داعش وكان لديهن تأثير على التنظيم غير من رؤيته للمرأة، إذ قمن بأدوار مستقلة عديدة، بدءا من الهجرة دون محرم، وانتهاء بالقتال".
معدّة التحقيق توثق المحادثات في الفيديو التالي:
الزواج والوصول لسورية
عرض سعد ومحمد على معدة التحقيق الزواج والالتحاق بهما في سورية، مقدمين لها وعدا بتأمين طريق وصولها عبر نساء سيقمن بتهريبها، فيما اقترح الوسيط نضال ترتيب عملية المجيء عبر هوية لاجئة سورية تريد العودة لوطنها، مؤكدا على التواصل بالرموز بين سلوى وبينه عبر برامج التواصل الاجتماعي حتى تنفيذ عملية الهروب.
ويبدي أبو رمان تخوفه من تمدد ظاهرة "الجهادية" النسوية في الأردن، قائلا "في الأردن ما زالت الظاهرة في بدايتها، ولكن أشرت في دراسة نجريها بمركز الدراسات الاستراتيجية لم تصدر بعد إلى أن ظاهرة الجهاديات الأردنيات ستتمدد وتتطور، وستكون هنالك مستقبلاً أسماء معروفة كما حدث في السعودية تحديداً، الظاهرة في الأردن بدأت بالتعاطف وتحولت إلى الارتباط بالمصاهرة والزواج داخل أوساط هذا التيار".
ووثق الباحثان أبو رمان وأبو هنية في كتابهما "عاشقات الشهادة" عدة حالات لأردنيات سعين للانضمام إلى التنظيمات المتطرفة من بينهن فتاة من الكرك، جنوبي الأردن، حاولت الالتحاق بداعش وتمكن النائب الأردني السابق مازن الضلاعين من إقناعها بالعودة وكشفت عقب رجوعها عن تعرفها على ثلاث أردنيات أخريات يسعين للالتحاق بالتنظيم إبان وجودها في تركيا بالإضافة إلى حالة أخرى خرجت من العقبة ولا يعلم أحد عنها شيئا، بحسب الكتاب.
ويحذر المحامي الخطيب من تمدد الظاهرة أيضا قائلا "تتم محاكمة 10 أردنيات على خلفية تهم كالترويج ومحاولة الالتحاق"، من بينهن اثنتان حصل "العربي الجديد" على لائحتي اتهامهما بالترويج لأفكار جماعة إرهابية، الأولى ألقي القبض عليها مطلع مارس/آذار الماضي وهي رابعة شقيقة أحد منفذي عملية الكرك التي وقعت في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي وذهب ضحيتها 11 رجل أمن ومدنيان وسائحة كندية، والثانية تم القبض عليها في السادس من فبراير/ شباط 2017 وتدعى براءة وكانت تتواصل مع معلمتها الملتحقة بمعية شقيقتها بصفوف تنظيم الدولة في سورية.
مواجهة الظاهرة
يرى الخبراء ضرورة تنبه الأردن للظاهرة في الوقت الذي تترقب الدولة عودة مقاتلين كانوا مع الجماعات الإسلامية المتشددة، بعضهم التحقت عائلاتهم بهم في سورية، وهنا يؤكد القائم بأعمال وحدة مواجهة التطرف التابعة لوزارة الثقافة وصفي الطويل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الملف من اختصاص الأجهزة الأمنية القادرة على إدماج العائدين أو العائدات مجتمعيا بعد تأهليهم عقب العودة من ميادين القتال والجماعات المتطرفة".
وتابع "دورنا وقائي، إذ نعمل على مشاريع لتحصين الشباب من الفكر المتطرف، في حين تختص الأجهزة الأمنية بالجانب العلاجي، في ظل التهاب المنطقة المحيطة بالأردن". وتقوم استراتيجية الوزارة على التوعية بدءا من الأسرة والمدرسة بما فيها من مناهج ومعلمين، إذ تعمل الوحدة ضمن رؤية تقوم على تعزيز دور وزارة التربية لتحصين الشباب من أفكار الجماعات المتطرفة، وبالرغم من هذه الجهود إلا أن مصير سهى لا يزال مجهولا حتى الآن بعد الرسالة الأخيرة التي أرسلتها لعائلتها بعد وصولها إلى تركيا بأنها "ذاهبة للجهاد في سورية".
اقــرأ أيضاً
تعلق صديقتها "رغم تشدد سهى بالفترة الأخيرة وعلمي بمتابعتها لمقاطع مرئية وصوتية للتنظيم، لكن لم أتوقع قط أن تهرب".
سهى ليست الفتاة الوحيدة التي غادرت الأردن للالتحاق بالتنظيمات المتشددة، بل هناك أخريات تخلين عن عائلاتهنّ وهربن خفية بحثاً عن أحلام الخلافة والشهادة التي نسجها لهنّ المقاتلون في تلك التنظيمات، كما يقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية، موضحا أن التجنيد لا يتم فقط عبر مواقع التواصل بل يتسع أكثر عندما نتحدث عن التجنيد عبر أنساق القرابة. ويقدر أبو هنية أعداد الفتيات اللواتي التحقن مع أزواجهن أو عائلاتهنّ بما نسبته 15% من العدد الإجمالي للمقاتلين الأردنيين، والذي يقدره محمد أبو رمان، المتخصص بالجماعات الإسلامية، بما بين 900 مقاتل كما تقول الجهات الرسمية الأردنية و2500 مقاتل وفقا لتقديرات صادرة عن مؤسسة صوفات للاستشارات الأمنية، قائلا إنه "توجد نحو مئة أردنية عالقة عند الأكراد بعد استعادة الموصل، علاوة على الأعداد غير المعروفة للهاربات إلى العراق وسورية".
كيف تتم عملية الاستقطاب؟
يكشف "العربي الجديد" في هذا التحقيق عن الأساليب التي ينتهجها مقاتلو التنظيمات الإسلامية المتشددة، في الاستقطاب والتجنيد (شاهد الفيديو أدناه)، وأدوار المرأة حال هجرتها للأراضي الواقعة تحت سيطرتهم، إذ أنشأت معدة التحقيق صفحتين وهميتين باسم "روان أيوب وسلوى عصام"، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وعمدت إلى نشر منشورات دينية عليهما، تحدثت من خلالهما مع مقاتلين يتبعون لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتنظيم جبهة النصرة، بعد تقمصها شخصية فتاة متدينة ومحافظة، من بينهم سعد الملقب بأبو حمزة المقاتل في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي استمرت معدة التحقيق بالحديث معه عبر حساب سلوى عصام الوهمي لمدة أربعة أشهر، "حاول خلالها إقناعها بأهمية الجهاد في صفوف التنظيم عبر تطرقه للحديث عن وحشية النظام السوري وتآمر العالم أجمع ممثلاً بالتحالف الدولي عليهم وقصف التحالف الدولي للمدنيين"، على حد قوله.
حالة محمد المقاتل في تنظيم جبهة النصرة والملقب بأبو عمر الأنصاري لا تختلف كثيرا عن سعد، فهو أيضا "تحدث عن ظلم النظام السوري وما يقترفه من جرائم"، مضيفا "نجاهد لإعلاء كلمة لا إله إلا الله ولنُطيح بالطاغية بشار الذي يسانده الجميع ضدنا"، وهو ما يعلق عليه الخبير أبو رمان، قائلا "العملية تبدأ بمثل هذا التأثر العاطفي والوجداني ثم تتحول إلى عملية تأثر مفاهيمي ثم عملية إيمان واقتناع بالفكرة بشكل كامل"، بينما يفسر محامي الجماعات الإسلامية عبد القادر الخطيب دوافع الالتحاق قائلا "أكثر الفتيات اللاتي تأثرن بالفكر (الجهادي) يشعرن بغيرة وحماسة دينية"، وهو ما يؤكده أبو رمان قائلا "لدينا عدد كبير لنماذج من النساء التحقن بتلك التنظيمات وأغلبهنّ مقتنعات بهذا الفكر، ولهنّ أسباب أخرى تنفي الأسباب التي روج لها في الإعلام العربي كخرافة زواج النكاح، والظروف الاقتصادية، إذ لا يمكن أن يهرب شخص من السيئ للأسوأ ولا يمكن أن يفجر شخص نفسه ليأخذ راتباً نهاية الشهر".
اختلاف في دور المرأة بين القاعدة وداعش
أبلغنا سعد ومحمد ووسيط يدعى نضال كان يرتب لعملية تهريب معدة التحقيق إلى سورية، عن وجود أدوار عدة للمرأة في التنظيمات الإسلامية (المتشددة)، على رأسها حمل السلاح والقتال وتنفيذ عمليات "انتحارية"، سمّاها استشهادية قائلا "لا بد أن تطلبي ذلك ويتم تسجيلك حتى يحين دورك، لكن لا بد أن تتأكدي من رغبتك في الأمر، وفي الأثناء يمكن العمل في إعداد الطعام للمجاهدين، ومداواة الجرحى".
على هذا الصعيد كان محمد يركز في محاولة استقطابه روان أيوب على أهمية الدور الذي تلعبه المرأة حين تقترن بمجاهد، اذ كان يقول لها "من تتزوج مجاهدا تضحي بنفسها في سبيل الله، فهي لا تعلم متى سيموت وهل سيعود عندما يخرج أم لا، وتكفي مغادرتها الأردن والمجيء لسورية لكي تتزوج مجاهدا في أراضي الرباط، فإنها تؤجر على ذلك دون أن تفعل أي أمر فما بالك إن كانت تعد الطعام للمجاهدين وتداوي الجرحى"، وهو ما يقرأه الخبير أبو هنية على أنه "محافظة جبهة النصرة على دور المرأة كزوجة مجاهد" قائلا "تنظيم القاعدة بقي محافظاً منذ تأسيسه على يد أسامة بن لادن وفي عهد أيمن الظواهري الزعيم الحالي للقاعدة، على الأدوار النسائية الثانوية ذاتها في داخل التنظيم، بمعنى أنّ المرأة مكانها في البيت وتربية جيل جهادي، بحسب التنظيم، والمساعدة أيضاً في الأعمال اللوجستية مثل الدعاية، وهكذا فإن جبهة النصرة أو ما يعرف بجبهة تحرير الشام حاليا كانت في الخط ذاته الذي عليه تنظيم القاعدة، بمعنى أنها لم تنشئ كتائب قتالية للنساء او تغير من نظرتها للمرأة"، لكن مفهوم المرأة المجاهدة أو الانتحارية جاء مع تنظيم داعش، وفقا لما يقول الخبير أبو رمان، مرجعا الأمر إلى أن تحول نظرة التنظيم للمرأة لم يكن ذاتيا إنما كان تجاوباً مع دخول عدد كبير من النساء الغربيات إلى تنظيم داعش وكان لديهن تأثير على التنظيم غير من رؤيته للمرأة، إذ قمن بأدوار مستقلة عديدة، بدءا من الهجرة دون محرم، وانتهاء بالقتال".
معدّة التحقيق توثق المحادثات في الفيديو التالي:
الزواج والوصول لسورية
عرض سعد ومحمد على معدة التحقيق الزواج والالتحاق بهما في سورية، مقدمين لها وعدا بتأمين طريق وصولها عبر نساء سيقمن بتهريبها، فيما اقترح الوسيط نضال ترتيب عملية المجيء عبر هوية لاجئة سورية تريد العودة لوطنها، مؤكدا على التواصل بالرموز بين سلوى وبينه عبر برامج التواصل الاجتماعي حتى تنفيذ عملية الهروب.
ويبدي أبو رمان تخوفه من تمدد ظاهرة "الجهادية" النسوية في الأردن، قائلا "في الأردن ما زالت الظاهرة في بدايتها، ولكن أشرت في دراسة نجريها بمركز الدراسات الاستراتيجية لم تصدر بعد إلى أن ظاهرة الجهاديات الأردنيات ستتمدد وتتطور، وستكون هنالك مستقبلاً أسماء معروفة كما حدث في السعودية تحديداً، الظاهرة في الأردن بدأت بالتعاطف وتحولت إلى الارتباط بالمصاهرة والزواج داخل أوساط هذا التيار".
ووثق الباحثان أبو رمان وأبو هنية في كتابهما "عاشقات الشهادة" عدة حالات لأردنيات سعين للانضمام إلى التنظيمات المتطرفة من بينهن فتاة من الكرك، جنوبي الأردن، حاولت الالتحاق بداعش وتمكن النائب الأردني السابق مازن الضلاعين من إقناعها بالعودة وكشفت عقب رجوعها عن تعرفها على ثلاث أردنيات أخريات يسعين للالتحاق بالتنظيم إبان وجودها في تركيا بالإضافة إلى حالة أخرى خرجت من العقبة ولا يعلم أحد عنها شيئا، بحسب الكتاب.
ويحذر المحامي الخطيب من تمدد الظاهرة أيضا قائلا "تتم محاكمة 10 أردنيات على خلفية تهم كالترويج ومحاولة الالتحاق"، من بينهن اثنتان حصل "العربي الجديد" على لائحتي اتهامهما بالترويج لأفكار جماعة إرهابية، الأولى ألقي القبض عليها مطلع مارس/آذار الماضي وهي رابعة شقيقة أحد منفذي عملية الكرك التي وقعت في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي وذهب ضحيتها 11 رجل أمن ومدنيان وسائحة كندية، والثانية تم القبض عليها في السادس من فبراير/ شباط 2017 وتدعى براءة وكانت تتواصل مع معلمتها الملتحقة بمعية شقيقتها بصفوف تنظيم الدولة في سورية.
مواجهة الظاهرة
يرى الخبراء ضرورة تنبه الأردن للظاهرة في الوقت الذي تترقب الدولة عودة مقاتلين كانوا مع الجماعات الإسلامية المتشددة، بعضهم التحقت عائلاتهم بهم في سورية، وهنا يؤكد القائم بأعمال وحدة مواجهة التطرف التابعة لوزارة الثقافة وصفي الطويل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الملف من اختصاص الأجهزة الأمنية القادرة على إدماج العائدين أو العائدات مجتمعيا بعد تأهليهم عقب العودة من ميادين القتال والجماعات المتطرفة".
وتابع "دورنا وقائي، إذ نعمل على مشاريع لتحصين الشباب من الفكر المتطرف، في حين تختص الأجهزة الأمنية بالجانب العلاجي، في ظل التهاب المنطقة المحيطة بالأردن". وتقوم استراتيجية الوزارة على التوعية بدءا من الأسرة والمدرسة بما فيها من مناهج ومعلمين، إذ تعمل الوحدة ضمن رؤية تقوم على تعزيز دور وزارة التربية لتحصين الشباب من أفكار الجماعات المتطرفة، وبالرغم من هذه الجهود إلا أن مصير سهى لا يزال مجهولا حتى الآن بعد الرسالة الأخيرة التي أرسلتها لعائلتها بعد وصولها إلى تركيا بأنها "ذاهبة للجهاد في سورية".