بعد تحضيرات تطلّبت شهوراً طويلة ولقاءات عديدة بين قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي وأسرة مؤسس الحزب، الراحل عبد الكريم الخطيب، نظّم الحزب اللقاء التأسيسي لمؤسسة الخطيب للدراسات مساء اليوم الجمعة.
الحدث الذي يكتسب رمزية خاصة بالنسبة للحزب الذي يقود الحكومة المغربية منذ انطلاق ثورات الربيع العربي سنة 2011، افتتح بإلقاء رسالة رسمية وجهها الملك محمد السادس إلى القائمين على المبادرة، وقال فيها إن "إحداث المؤسسة مبادرة محمودة أبينا إلا أن نزكيها وأن نشملها برعايتنا السامية تقديراً منا لهذا الوطني المجاهد والمقاوم الفذ الذي تحمل اسمه".
وأضاف العاهل المغربي في رسالته أن المرحوم عبد الكريم الخطيب "يعتبر أحد القادة التاريخيين للمقاومة وجيش التحرير المشهود لهم بخصال الوطنية الصادقة والنضال المستميت من أجل استقلال المغرب وحريته والدفاع عن مقدسات الأمة وثوابتها".
وعبّر الملك عن أمله في أن تشكل مؤسسة عبد الكريم الخطيب للدراسات "على غرار المؤسسات الفكرية التابعة للأحزاب الوطنية الجادة فضاء لحفظ الذاكرة الوطنية ولإشاعة القيم المغربية الأصيلة دون تعصّب أو مغالاة، وصلة وصل بين الأجيال المتعاقبة، ومنارة للفكر الرصين والنقاش الجاد والمسؤول في مختلف القضايا التي تهم الوطن والمواطنين".
الخطيب الذي توفي في سبتمبر/ أيلول 2008 يعتبر واحداً من قادة المقاومة المغربية ضد الاستعمار الفرنسي، ومن زعماء أحزاب الحركة الوطنية بعد الاستقلال، وكان قيد حياته يحوز في الوقت نفسه ثقة المؤسسة الملكية، ما جعله بمثابة "الضامن" الذي تولى رعاية تأسيس أول حزب إسلامي في المغرب في منتصف التسعينيات.
وقام القادة المؤسسون لحزب العدالة والتنمية، في بداية تسعينيات القرن العشرين، بمحاولات عديدة لدخول الحقل السياسي والحزبي في المغرب، لكن السلطات حالت دون تمكينهم من تأسيس حزب جديد، كما رفض حزب الاستقلال الوطني العريق استقبالهم بشكل جماعي، قبل أن تنجح المحاولة مع الراحل عبد الكريم الخطيب، والذي سمح لأعضاء حركة التوحيد والإصلاح الإسلامية بالانخراط في صفوف حزبه، الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، والذي أصبح اسمه "العدالة والتنمية" وتولى الخطيب أمانته العامة.
وتذكر الأمين العام الحالي للحزب، رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، هذا الاحتضان الذي قام به الخطيب تجاه قادة الحركة الإسلامية الراغبين في الالتحاق بالعمل السياسي القانوني، وقال في كلمته أمام اللقاء إن الخطيب استقبل في سياق دولي اتسم بالتوجس مجموعة من شباب الحركة الإسلامية.
وذكّر الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية بالأدوار التي لعبها الخطيب في عهد الاستعمار، إذ لم يقتصر دوره على مقاومة فرنسا التي كانت تفرض الحماية على المغرب، بل كان حاضراً في واجهات دولية، ومسانداً القضية الفلسطينية، وداعماً حركات التحرر الأفريقية، وهو ما أهّله ليصبح وزيراً للشؤون الأفريقية في إحدى الحكومات الأولى في المغرب بعد الاستقلال.