"الزنانة" في أجواء غزة: عودة القلق من عدوان جديد

21 اغسطس 2016
من آثار العدوان على غزة عام 2014(محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -
لم تغادر طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، المعروفة عند أهالي غزة باسم "الزنانة" أجواء القطاع، منذ أكثر من أسبوع. ويترافق حضورها بكثافة في سماء غزة، مع صوتها المزعج الذي يُذكر الفلسطينيين بالحروب الإسرائيلية الثلاث التي شنت على القطاع المحاصر، على التوالي في أعوام 2008 و2012 و2014. وغالباً ما تقوم "الزنانة" بعمليات رصد ومتابعة. ويرتبط وجودها، في أذهان الغزيين، بالحروب.

ومع عودتها بكثافة في الأسبوع الأخير، يزداد قلق الفلسطينيين من أن تكون عمليات الاستطلاع والرصد هذه مقدمة لحرب أو عدوان جديد. وما يقلق هؤلاء أكثر، أنّ "الزنانة" كانت تدخل إلى أجواء القطاع لساعات وبأعداد قليلة، ومن ثم تغادر. لكنها هذه المرة ظلت في الأجواء لأوقات طويلة؛ يذكرهم هذا الأمر بما كان يحصل أثناء حالات الهدنة في الساعات الأخيرة لعدوان 2014، حين كانت تحلق تلك الطائرات لمراقبة كل ما يتحرك على الأرض.

و"الزنانة" كانت تلعب دوراً ملتبساً في الحروب الإسرائيلية على القطاع. فكان من مهامها تحذير المنازل المنوي قصفها. وكان يمكنها أيضاً القيام بعمليات قصف، إذ بات بعض هذه الطائرات يُحمّل بالصواريخ، بحسب ما جرى في غزة عدة مرات.

وعلى الرغم من الأجواء المشحونة والقلق من "الزنانة"، إلا أنّ خبراء ومسؤولين لا يعتقدون أنّ حضور طائرات الاستطلاع بهذه الكثافة مقدمة لحرب قريبة على القطاع. من جهته، يقول الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس، حازم قاسم لـ"العربي الجديد"، إنّ استمرار تحليق طائرات الاستطلاع في أجواء غزة، يندرج في إطار مواصلة الاحتلال الإسرائيلي للضغط على القطاع والسكان، ومحاولة التأثير عليهم.


ويوضح قاسم أنّ المقاومة الفلسطينية مدركة لهذا السلوك الاستخباراتي الاسرائيلي، ولديها تجربة في التعامل معه، والقدرة على إكمال برامجها التطويرية وعملها، على الرغم من هذه التحركات الاستخباراتية الاسرائيلية. ويلفت إلى أنّ "حماس" مطمئنة لالتفاف الجمهور حول خياراتها المقاومة، وأنّ محاولات الترهيب الإسرائيلي للسكان ستبوء بالفشل، مشيراً إلى أنّ المقاومة جاهزة للدفاع عن شعبها "باعتباره واجباً عليها تجاهه، وحقاً كفلته المواثيق والقرارات الدولية".

في المقابل، يرى الخبير الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، أنّ وجود طائرات الاستطلاع في سماء قطاع غزة بكثافة في الوقت الحالي، أشبه بحالة من الاستعدادات التي تمارسها قيادة الجيش الإسرائيلي لحرب مقبلة على القطاع. ويضيف أن هذه الحرب قد لا تكون قريبة، لكن على الأمد البعيد لا يمكن استبعاد شن عدوان إسرائيلي جديد. 

ويقول أبو زايدة لـ"العربي الجديد"، إنّ التحضيرات التي يقوم بها الإسرائيليون لا تقتصر على طائرات الاستطلاع، إذ أن تحركات جيش الاحتلال في الآونة الأخيرة على الحدود الشرقية للقطاع، توحي بأنّ المواجهة المقبلة ستكون عنيفة ودموية أكثر مما كانت عليه في حرب عام 2014.

ويشير أبو زايدة إلى أنّ الحركة المكثفة لطائرات الاستطلاع فوق غزة، وحركة الجيش على الحدود، تأتي في إطار تحديد بنك الأهداف التي ترغب إسرائيل باستهدافها في المواجهة المقبلة، وهذا ما يُفسره استمرار قيادة الاحتلال بالبحث عن الأهداف الفلسطينية، بما فيها الأنفاق التي تصل إلى داخل الأراضي المحتلة.

ويرجح الخبير في الشأن الإسرائيلي، أنّ يؤدي الضغط والحصار المفروض على القطاع إلى ما يمكن تسميته "بالانفجار"، الذي يحمل تداعيات خارجية لا داخلية، تصل بمداها إلى مواجهة آتية مع الاحتلال، لا سيما في ظل ما تُرسله المقاومة الفلسطينية من إشارات بأنها على استعداد لمواجهة محتملة، إن لم يتم رفع الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من عشر سنوات.
المساهمون