"الرقابة الإدارية" المصرية تحمل كارثة الأمطار للوزارات المدنية

28 ابريل 2018
أزمة بين أجهزة النظام المصري بسبب الأمطار (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلنت هيئة الرقابة الإدارية بمصر والمقربة من رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي وقف بعض المسؤولين عن العمل، على ضوء التحقيقات التي تجريها في وقائع الإهمال التي تسببت في غرق أحياء مدينة القاهرة الجديدة وبعض ضواحي العاصمة، بعد هطول الأمطار عليها الأسبوع الماضي.

وحملت الهيئة المسؤولية كاملة لموظفين مدنيين يشغلون مناصب تنفيذية عالية بوزارات الإسكان والكهرباء والنقل، دون تحميل أي مسؤولية للهيئة الهندسية للجيش أو وزارة التنمية المحلية التي يرأسها اللواء أبوبكر الجندي.

جاء ذلك تأكيداً لما نشره "العربي الجديد" اليوم من نشوب أزمة بين أجهزة نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بسبب الأمطار الغزيرة المفاجئة التي كشفت تردي البنية التحتية للعديد من المناطق، وعلى رأسها مدينة القاهرة الجديدة، وغيرها من المنتجعات السكنية شرق القاهرة.

وذكرت الهيئة برئاسة اللواء محمد عرفان في بيانات متتابعة لها صباح اليوم السبت أنها أحالت التحقيقات التي أجرتها بشأن "الإهمال والتقصير" إلى النائب العام، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية "لوضع الأمور في نصابها لمحاسبة كل من أخطأ أو أهمل"، متهمة بالتقصير كلاً من رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة، ورئيس شركة الصرف الصحي للقاهرة الكبرى، واللجنة المسؤولة عن استلام وتسلم محطات الصرف الصحي لجهاز مدينة القاهرة الجديدة، ومدير عام التأمين وسلامة الطرق والمكلف بالإشراف على الطريق الدائري التابع للهيئة العامة للطرق والكباري.

وأضافت الهيئة أنها كشفت وجود مخالفات في إجراءات تسلم محطات الصرف الصحي والكهرباء من المقاولين قبل عدة سنوات، وعدم التزام المسؤولين بالاشتراطات المحددة، الأمر الذي تلمح به لوجود تجاوزات مالية بين المسؤولين عن التسلم والمعاينة والمقاولين.

وأكدت البيانات ما نشره "العربي الجديد" اليوم منسوباً لمصادر أمنية عن استدعاء الرقابة الإدارية إلى مركزها الرئيسي بمدينة نصر أمس الجمعة، عدداً من المسؤولين بجهاز مدينة القاهرة الجديدة ووزارة الإسكان ووزارة الكهرباء، وما ذكرته مصادر حكومية عن وجود تنسيق بين وزير التنمية المحلية والهيئة الهندسية للجيش، وكذلك رئيس الرقابة الإدارية المعروف بصداقته وعلاقته الوطيدة بالسيسي، لتحميل المسؤولية للوزراء غير المنتمين للخلفية العسكرية، كوزير الإسكان مصطفى مدبولي، المرشح الأول لخلافة رئيس الوزراء الحالي شريف إسماعيل، ووزير الكهرباء محمد شاكر، الذي يعتبر من أنجح الوزراء الذين اعتمد عليهم السيسي، في إطار رغبة بعض الأجهزة في إسناد رئاسة الحكومة القادمة لشخصية عسكرية.

ولم تكتف هيئة الرقابة الإدارية بإجراء تحقيقات في هذه الأزمة، بل قررت من تلقاء نفسها، ودون سند قانوني، إعادة تشكيل مركز إدارة الأزمات التابع لرئيس مجلس الوزراء، ومنحه صلاحيات وآليات تتيح له مواجهة الأزمات دون العودة إلى الحكومة.

وتأتي هذه الخطوة لترسخ توسيع سلطات الرقابة الإدارية، وتحولها من هيئة تجمع المعلومات عن الفساد وتجري تحريات عن وقائع بعينها، إلى ما يشبه "الحكومة الموازية" التي تمارس دوراً رقابياً على الحكومة ذاتها، خاصة بعد نقل تبعيتها من رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية، وتأطير صورتها خلال العامين الماضيين كـ"المحارب الأبرز للفساد"، فضلاً عن ممارسة أدوار غير تقليدية كالتحري عن المرشحين لشغل المناصب القضائية والدبلوماسية وليس فقط الوظائف الإدارية والوزارية.

وأولى السيسي منذ وصوله لرئاسة الجمهورية اهتماماً كبيراً بالرقابة الإدارية، فأجرى تعديلات واسعة على هيكلها، دافعاً بأعداد كبيرة من ضباط المخابرات الحربية والمخابرات العامة للعمل بها بدلاً من ضباط الشرطة، ثم عين أحد أصدقائه خلال فترة خدمته بالجيش وهو محمد عرفان رئيساً للهيئة عام 2015، وعين نجله مصطفى عضواً بالمكتب الفني لرئيس الهيئة، ثم بدأت حملة إعلامية ما زالت مستمرة لإبراز دور الهيئة وضبطياتها، ودورها في الرقابة على الأجهزة الحكومية ومشاركتها في بعض الحملات الخدمية والاجتماعية، وصولاً إلى إسناد اختصاص الإشراف على إدارة مشروعات بعيدة تماماً عن اختصاصها المحدد قانوناً، كالمشروع القومي للمعلومات المعروف بـ"بناء ذاكرة الأمة" ومدينة دمياط للأثاث وتطوير ميناء الإسكندرية وميناء سفاجا البحري.

دلالات
المساهمون