"الديمقراطية" حلال في طهران وحرام في دمشق

16 ابريل 2017
+ الخط -

 

حتى مساء الجمعة 14 أبريل/نيسان 2017، سجل أكثر من ألف شخص أنفسهم في طهران كمرشحين محتملين لانتخابات رئاسية الشهر القادم. ورغم أن الدستور الإيراني، في المادة 115 تنصيصا، لا يسمح بوصول سيدات إلى سدة الحكم، فإن عددا منهن سجلن كمرشحات.

 في 1989 كان أستاذي في العلوم السياسية بجامعة آرهوس الدنماركية، مهدي مظفري، يردد على مسامعنا بأن "الدستور الإيراني المقترح تنقيحه وتعديله من الخميني (قبل وفاته) يغرف في نصوصه خلطة من الأفلاطونية والأرسطوية والليبرالية الغربية. لكنه في النهاية، يسعى تطبيقا لترسيخ سلطة رجال الدين مع إعطاء الناس شعورا بأنهم يمارسون الديمقراطية ليس إلا".

الاهتمام السياسي والأكاديمي بدستور إيران، بعد وفاة الخميني، بني على أمل وصول "المعتدلين" إلى الحكم تبريرا للانفتاح على إيران. بالرغم من معرفة الجميع بالضوابط الدينية والشرعية لسياسات طهران.

منذ 1981، في الفترة التي تلت انتخاب أبو الحسن بني صدر (من يناير 1980 حتى يونيو 1981 حيث عزله الخميني)، مر على إيران 7 رؤساء، وبعضهم لدورتين انتخابيتين، أي 8 سنوات فقط: محمد علي رجائي وعلي خامنئي وأكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ومحمد أحمدي نجاد والرئيس الحالي حسن روحاني. الأخير منذ صيف 2013 بـ 50.71 بالمئة من الأصوات فقط.

وبعيدا عن مقارنة "الديمقراطية" الإيرانية بغيرها من الديمقراطيات، وسيطرة التيار الديني على مخرجات كل تلك العملية، يذهب البعض إلى مقاربة أخرى تتعلق بسياسات إيران مع دول المنطقة من خلال خطاب "مظلومية الشعوب".

خلال 37 سنة من عمر "الجمهورية الإسلامية"، وتحت سقف دستور "ولاية الفقيه"، خرج الإيرانيون لانتخاب وتبديل عديد الرؤساء و"البرلمانيين". وفي حين كان خطاب "الثورة الإسلامية" منذ 1979 يعتمد إبراز "الروح الثورية" لعلاقة إيران مع محيطها، جاءت الثورة السورية لتكشف المستور.

في سورية، ومنذ استيلاء حافظ الأسد على مقاليد الحكم بانقلابه على رفاقه في 1970، لم تشهد البلاد خلال فترة حكمه أو خلال فترة حكم العائلة (التي يعرفها السوريون بالأسماء والمناصب) أي اقتراب من مناقشة صلاحيات "القائد الخالد"، الذي فرد له الخميني مبكرا عباءة التحالف والحماية.

لم يعرف أغلبية السوريين، لأكثر من 4 عقود، سوى حكم شمولي من عائلة "الأسد" بـ99 بالمئة، بينما في إيران عرفوا أكثر من 9 أسماء.

منذ 15 مارس 2011 وطهران ترمي بثقلها وراء الأسد، ودون أن يرف جفن لملالي إيران، مما أنتجته الحماية والوصاية، ومن تهجير الملايين وتدمير المدن.

الخطاب الاستعلائي، الذي ساهم فيه حتى محللون سياسة إيرانيون وعرب من بيروت، عن "الشعب السوري"، تارة باتهامات لمعظم الجغرافيا السورية بـ"التآمر على القيادة" وأخرى بـ "ثورة تكفيريين وهابيين"، كشف مقت حكام طهران لمطالب الديمقراطية في سورية. فهي حرام في دمشق بينما تسوق للغرب حلالا في طهران، وبتفاخر قائم على المقارنة مع الأنظمة العربية، كما فعلت دوما إسرائيل.

في كل الأحوال، فإن ما أنتجته إيران في سورية والعراق (باعتبارهما تحت تاج ولاية الفقيه)، يعده البعض "انعكاسا حقيقيا لسياسات داخلية"، مع الأحوازيين والبلوش والأكراد، والبقية التي لا تنتمي إلى "صفوة الحكم".

تأييد سياسة القهر، وتبرير الاستبداد الوراثي القائم على الإخضاع والتطهير المذهبي والقومي، لا يمت لكذبة "الاعتدال" و"مظلومية الشعوب". إنه أمر يظل يذكرني كفلسطيني بسياسات الاحتلال والفكر الصهيوني الاستعلائي عما يصلح لهم ولا يصلح للأغيار العرب.