"الخفاض" ينتهك حقوق الموريتانيات

09 أكتوبر 2015
السلطات متهمة بالتأخر في محاربة الختان (عبدالحق سنا/فرانس برس)
+ الخط -

تخضع الفتيات في موريتانيا، وخصوصاً في المناطق التي تطغى عليها المعتقدات الشعبية، للخفاض (الختان)، بهدف الحفاظ على عفّة الفتاة وشرف العائلة. وتقدّر إحصائيات رسمية نسبة ختان الفتيات في البلاد بنحو 69 في المائة، فيما تؤكد المنظمات الصحية والحقوقية أنها أعلى بكثير، علماً أنها تحاول من خلال عملها في المناطق الريفية التوعية حول خطورة الأمر.
في ولاية غيدي ماغا (جنوب موريتانيا)، تنتشر هذه الظاهرة. وعلى الرغم من إطلاق منظمات غير حكومية حملات توعية، إلا أنه غالباً ما يقاطعها السكان، ويرفضون حضور اللقاءات، ما دفع عدداً منها إلى اتباع خطط بديلة للقضاء على هذه العادة، على غرار إنشاء مراكز لتعليم الفتيات وأمهاتهن مهناً مختلفة، مع التوعية حول خطورة الختان.

في السياق، تقول عائشة بنت أحمدو، التي تشرف على أحد هذه المراكز، إن "الدروس والحملات التثقيفية والتوعوية تقدم بشكل غير مباشر، حتى لا يتوجس السكان الذين يعتبرون أن التوعية بمضار الختان تهدف إلى "التشجيع على الفسق والفجور، أو أنها قد تفتح أعين الفتيات على أمور قد تضرهن في المستقبل".
وتشرح بنت أحمدو أن المراكز تعلّم الفتيات الخياطة والتجميل والحلاقة والطبخ والسكرتيريا، بالإضافة إلى تجفيف الخضار وتنظيف اللحوم والأسماك. تضيف أنه "بقدر ما يساهم تعليم البنات في دعم التنمية وتقدم المجتمع، فإن صحتهن وسلامتهن النفسية والجسدية تعد أمراً ضرورياً لتمكينهن من القيام بأدوارهن وواجباتهن حيال المجتمع، وتحمّل مسؤولياتهن".
وتتهم المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة المجتمع التقليدي بتشجيع الختان، مشيرة إلى أن نشر تعاليم مغلوطة حول الدين وتشجيع الختان كعُرف اجتماعي يساهمان في تكريسه. برأيها، تعد هذه الممارسات عنفاً ضد النساء. لذلك، تحاول جاهدة حث السلطات على اتباع سياسات جديدة لمحاربة الخفاض.

في السياق، يقول الباحث الاجتماعي والناشط في حملات محاربة الختان يحيى ولد أحمد الشيخ، إن الختان يمارس على نطاق واسع في موريتانيا، ويعد ضرورياً في مناطق معينة. يضيف أن العائلات على قناعة بأن الختان يزيد من فرص الزواج وخصوصاً أنه يدل على العفة والطهارة، ويؤدي إلى كسب المرأة احترام وتقدير زوجها، بحسب العرف الاجتماعي.
ويتحدث عن المشاكل التي يواجهها خلال عمله الميداني وإطلاق الحملات. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "الأطباء لا يترددون في كثير من الأحيان بإجراء عمليات ختان للفتيات بناءً على طلب أهاليهن". يضيف أنه "على الرغم من تعرُّض عدد من الأمهات إلى الختان، تراهُنَّ يفرضن على بناتهن الأمر عينه بهدف حمايتهن ومساعدتهن على مقاومة العلاقات غير الشرعية".

ويلفت الباحث إلى أن فشل جهود محاربة هذه الظاهرة يعود بالأساس إلى غياب الوعي بين الأمهات، وخصوصاً في المناطق الريفية، بالإضافة إلى العادات المتوارثة التي "تحرم الفتيات من الاستمتاع بحياتهن الطبيعية". ويطالب بالسماح للمنظمات بنشر التوعية في المساجد والمدارس الدينية، بالإضافة إلى زيادة الجهود والعمل على "توضيح موقف الدين الإسلامي من هذه الظاهرة المسيئة لموريتانيا".
إلى ذلك، تقول السلطات الموريتانية إن جهودها لمحاربة الختان كانت مشجعة، وقد أدت إلى تراجع نسبتها إلى 69 في المائة. في السياق، تحاول وزارة الصحة استغلال منابر المساجد للتوعية حول خطورة الختان، بهدف الوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع، وخصوصاً في المناطق البدوية المعزولة. في المقابل، يتهم ناشطون السلطات بالتأخر في محاربة الختان، حتى أن البلاد تحتل المرتبة الثامنة عالمياً بين الدول التي سجلت أعلى نسبة ختان. مع ذلك، ما زالت السلطات تركز جهودها في مناطق محددة تعتبرها الأكثر تضرراً، وخصوصاً غيدي ماغا ولبراكنه وكوركول ولعصابه والحوض الشرقي، بينما يطالب الباحثون بإصدار قانون يجرّم الختان.

من جهته، يقول الطبيب النسائي محمد لمين ولد، إن الختان يؤدي إلى مضاعفات صحية ونفسية على المدى الطويل، ما يشكل انتهاكاً لحقوق المرأة. ويشير إلى أن عدداً كبيراً من اللواتي خضعن للختان يعانين من العقم والأمراض التناسلية والإحباط والاكتئاب. ويلفت إلى أن العملية بحد ذاتها قد تؤدي إلى الوفاة أحياناً، بسبب حدوث نزيف حاد، وصغر سن الضحايا، ولجوء المعالِجات التقليديات إلى الأعشاب وغيرها من الوسائل التقليدية لوقف النزيف.

اقرأ أيضاً: موريتانيات مهجورات
المساهمون