فيما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتولى أول من أمس الخميس، من البيت الأبيض، إشهار التحالف الإسرائيلي الإماراتي، كان محاميه السابق مايكل كوهين ينشر توطئة كتابه المزمع صدوره في الأسواق في 8 سبتمبر/أيلول المقبل، والذي يروي فيه تفاصيل مثيرة جديدة عن "أعمال الرئيس الوسخة"، ليس كأحد الشهود عليها، ولكن كمشارك رئيسي في صنعها. في هذه الأثناء، كان ترامب أيضاً يعرقل تمويلاً حكومياً لدعم التصويت عبر البريد في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ما وضعه خصومه الديمقراطيون في خانة العمل المستمر والممنهج للتأثير في الناخبين.
فشلت وزارة العدل الأميركية في منع صدور الكتاب
ويعكس كتاب كوهين، وتوقيت نشره، وكذلك إجراءات الرئيس في الداخل، حجم المأزق الذي وجد ترامب نفسه فيه على بعد شهرين ونصف من الانتخابات الرئاسية. ويضيف الكتاب، الذي فشلت وزارة العدل في منع صدوره، اسماً إضافياً إلى لائحة قد تكون طويلة من الأسماء التي انقلبت أو بصدد الانقلاب على الرئيس، لا سيما في وقت حسّاس من حملته، بينما يواصل ترامب محاولة تظهير إنجازات وهمية، مستعيناً بحلفاء في الخارج، يعتبر أنه "سلّفهم" مكاسب خلال رئاسته قد يكون لزاماً عليهم ردّها.
وفي هذا السياق، لم تفوت شبكة "سي بي أس" ذكر اتفاق الإمارات – إسرائيل، بمعرض تقريرها عن كتاب كوهين، لإظهار مدى تخبط الرئيس في الداخل، مقابل "استثماراته" الخارجية، حتى لو كانت من قبيل تحصيل الحاصل، بعد سنوات من العلاقات السرية بين تل أبيب وأبوظبي. واختار الإعلام الأميركي تسليط الضوء على الاتفاق وكتاب كوهين سوية، نظراً لحجم الهوة بين ما يحاول الرئيس إظهاره من إنجازات، ضماناً لتأييد لوبيات صوتت له في 2016، وصورته المهشمة في الداخل، والتي يكمل عليها "رجاله" السابقون، انتقاماً بدرجة كبيرة، بعدما تخلى عنهم الرئيس، وسعياً لتحقيق صفقة مبيعات مربحة، وخصوصاً لتوجيه ضربة لترامب في ظرف يبدو فيه شديد الضعف.
ويصف كوهين في كتابه "الخائن: القصة الحقيقية عن محامي الرئيس دونالد ترامب الخاص السابق"، الرئيس الجمهوري، بالجبان، والمفترس، والعنصري، والبلطجي، والكاذب". وبحسب دار "سكاي هورس" الناشرة، فإن "الخائن" سيكون "أكثر قصة رعب سياسية للقرن... قصة لم تقرأوها في الصحف من قبل، أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ولم تشاهدوها على التلفاز"، متحدثة عن "شهادات يعرفها فقط شخص عمل مع ترامب على مدار الساعة لعقد من الزمن، وليس لأشهر قليلة، أو بضع سنوات". علماً أن كوهين، الذي رأى في توطئة كتابه، أن الرئيس "لم يكن ليمانع لو كنت ميتاً"، يعتزم الكشف في كتابه، بحسب تأكيده، عن فصول من كيفية تلاعب ترامب في انتخابات 2016 بمساعدة روسية. وكتب محامي الرئيس السابق "لقد تلاعب في الانتخابات بتواطؤ روسي، كما ستكتشفون في هذه الصفحات، لأن الإقدام على فعل أي شيء، وأنا أعني أي شيء، من أجل المكسب هو دائما عنده نموذج عمل وأسلوب حياة". ويعتبر التدخل الروسي في الانتخابات، بمثابة "الدراما" التي رافقت ولاية الرئيس الأولى، وجعلتها في وقت منها في مهب الريح، والحلقة التي جعلت علاقة ترامب بعالم الاستخبارات والدولة العميقة والديمقراطيين، ذات إشكالية كبيرة لأربع سنوات، وهي كلمة السر التي تضعه في مصاف الرؤساء "الخونة" من وجهة نظر سياسية داخلية، فضلاً عما يضاف إليها من تراكم إخفاقاته على أكثر من صعيد.
يعتزم كوهين الكشف في كتابه عن فصول من كيفية تلاعب ترامب في انتخابات 2016 بمساعدة روسية
ويكمل كوهين حالياً، العامين المتبقيين له من حكم بالسجن 3 سنوات، في الحجر المنزلي، بعدما أدين بالكذب على الكونغرس، وبتهمة التهرب الضريبي وتقديم بيانات كاذبة وارتكاب مخالفات تتعلق بتمويل الحملة. وأخرج كوهين من السجن في مايو /أيار الماضي خشية التقاطه عدوى كورونا، وأعيد إليه في يوليو/تموز، بعدما أعلن عزمه نشر مذكراته. وتخلت الحكومة الأميركية أخيراً عن محاولة منع صدور الكتاب، بعد معركة بين الطرفين، نجحت فيها محامية كوهين، دانيا بيري، في الحصول على سماح لموكلها بالحديث علناً.
وعمل كوهين عن قرب مع ترامب لسنوات قبل أن ينقلب عليه، وظهر ذلك على الملأ في شهادته أمام الكونغرس العام الماضي، والتي سبقت مساءلة ترامب بشأن التحقيق في ضغطه على أوكرانيا لفتح ملف فساد يتعلق بابن نائب الرئيس السابق جو بايدن، أحد المرشحين الديمقراطيين لانتخابات الرئاسة 2020 حينها. وقال كوهين مجازاً في توطئة كتابه، إنه يعرف مكان "فضائح" (استخدم مصطلح الهياكل العظمية) ترامب المدفونة، لأنه هو الذي دفنها.
وكان ترامب قد وصف كوهين في السابق بأنه "جرذ" و"كذاب". ورداً على إعلان قرب صدور الكتاب، شكّك المتحدث باسم البيت الأبيض برايان مورغنستيرن في مصداقية محامي الرئيس السابق، الذي ليس واضحاً ماهية الحقائق التي بحوزته والتي سيكشفها للعلن. وقال مورغنستيرن إن كوهين "ينزلق في الكذب بسهولة دوماً، ثم يتوقع أن يصدقه الناس الآن حتى يتمكن من جني المال من مبيعات الكتاب"، معرباً عن "أسفه"، أن "وسائل الإعلام تستغل هذا الرجل الحزين البائس في مهاجمة الرئيس ترامب".
وتنبع إحدى التهم التي أدين بها كوهين، من محاولته ترتيب دفعات في العام 2016، خلال الحملة الانتخابية لترامب، لإسكات الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز، والعارضة كارن ماكدوغال، من التحدث عن علاقة ترامب السرية بهما، والتي نفاها الرئيس. واعترف كوهين حينها أن ترامب وجّهه لأن يدفع لهما، وأكد أنه واجه تهديدات متكررة بالقتل من أنصار الرئيس. وفي توطئة كتابه، تحدث عن شعوره بالخيبة بعدما تخلى عنه مشغله السابق، قائلاً "كنت أمثل أول اتصاله له عندما يستيقظ في الصباح وآخر اتصال له قبل النوم...كنا روحين متلاصقين".
وفي توجيه سياسي يخدم كتابه، والحملة على ترامب، حذر محامي الرئيس السابق من أنه "في هذه الأيام الخطيرة، أرى الحزب الجمهوري ومؤيدي ترامب يهددون الدستور، الذي يتعرض لخطر أكبر بكثير مما هو متعارف عليه، وهم (أي الحزب والمؤيدون) يسيرون خلف أحد أسوأ الغرائز الإنسانية: الرغبة في السلطة بأي ثمن".
(العربي الجديد، رويترز، أسوشييتد برس)