"الحزمة الأمنية" توقع جرحى في البرلمان التركي

25 فبراير 2015
6 جرحى نتيجة عراكين بين نواب أتراك (فرانس برس)
+ الخط -

ما زال الخلاف حول حزمة القوانين الأمنية التي تحاول الحكومة التركية تمريرها في البرلمان مشتعلاً، وذلك في الوقت الذي أبدت فيه المعارضة التركية رفضاً شديداً للحزمة، إلى درجة شهد البرلمان فيها عراكاً بالأيدي بين نواب حزب "العدالة والتنمية" ونواب الأحزاب المعارضة.

وفي هذا السياق، حمّل رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، المعارضة التي تعمل على إجهاض حزمة قوانين الأمن الداخلي المسؤولية عن أحداث العنف، واصفاً إياها بتحالف المولوتوف.

ورأى رئيس الوزراء التركي، أن "أحزاب المعارضة التي تريد منع صدور القانون، حوّلت البرلمان التركي في الأيام الأخيرة إلى مسرح للأفعال العنيفة، التي لن تستطيع تبريرها أمام الأمة، وخصوصاً أن تلك الأحزاب لم تقدّم طيلة الفترة السابقة أي مساهمات من أجل إبصار القانون النور، ولن تدعم انتقاداتها له بأي أسس موضوعية، ولم تثرِ مشروع القانون بأي أفكار بديلة، إلا أننا نراها اليوم قد توحّدت، لتثير العنف مرتكبة سلوكيات لا تليق بوقار ورزانة البرلمان التركي".

وأشار داود أوغلو إلى أن حزمة القوانين التي قدّمها حزبه، ستلقى مصادقة البرلمان، لأنها تهدف لتعزيز السلام في ربوع البلاد، وحماية الحريات العامة، ومكافحة المخدرات، وقال: "لقد اجتزنا مرات عديدة الكثير من الاختبارات، وسنجتاز هذا الاختبار أيضاً".

هذا الأمر أكده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب جماهيري في ولاية إيلازغ جنوب شرقي البلاد، موجّهاً انتقادات شديدة للمعارضة بالقول: "إن مسؤوليتكم كنواب للمعارضة أن تصنعوا القوانين في البرلمان وليس أن توقفوها، بطريقة أو بأخرى سيتم تمرير الحزمة"، مستغلاً الخلاف الذي شهده البرلمان التركي بين النواب كسبب إضافي للتأكيد على رؤيته بضرورة التحوّل من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.

من جهته، أكد حزب الشعوب الديمقراطي (الجناح السياسي للعمال الكردستاني) المعارض للحزمة، أن إصرار الحكومة على تمريرها بدأ يعرقل جهود عملية السلام الرامية لإيجاد حل نهائي للقضية الكردية في تركيا.

وأكدت رئيسة الكتلة النيابية لـ "الشعوب الديمقراطي"، في البرلمان برفين بولدان، في مؤتمر صحافي، أن "البيان المشترك بين الحكومة والشعوب الديمقراطي الخاص بعملية السلام ما زال على أجندة الحكومة"، لكنها أشارت إلى أنه "أصبح غير ممكن مع هذه الحزمة الأمنية التي تتعارض مع الديمقراطية بالنسبة لجميع أحزاب المعارضة، فكيف يمكن الاستمرار بالعمليتين في وقت واحد".

وأضافت بولدان أن هذه الحزمة ليست العائق الوحيد في وجه تقدّم عملية السلام، فالجهود المبذولة لم تنجح بعد في الدخول في مرحلة المفاوضات الرسمية.

اقرأ أيضاً: عملية تركية بسورية لنقل رفات جد مؤسس "العثمانية"

وشهد البرلمان التركي عراكين بالأيدي بين نواب "العدالة والتنمية" من جهة، ونواب "الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة) و"الشعوب الديمقراطي" من جهة أخرى، في جلستين متتاليتين أثناء مناقشة الحزمة، أسفر العراك الأول عن جرح خمسة نواب من المعارضة، والثاني في كسر ضلع أحد نواب "الشعب الجمهوري".

وبرر وزير الداخلية التركي إفكان ألا، الحزمة بالإشارة إلى التقرير المرحلي للاتحاد الأوروبي عام 2014 حول تركيا، والذي شدد على "ضرورة القيام بإصلاحات لتحسين سلطات المدنيين في الرقابة على الجيش والشرطة والجندرمة والاستخبارات، والتي ما زالت غير فعالة".

من جهته، أكد الرئيس التركي السابق، عبد الله غول، ضرورة مراجعة الحزمة، ناصحاً "رفاقه في الحزب" تصحيح بعض المواد، خصوصاً تلك التي تمنح الشرطة سلطات واسعة، قائلاً: "أنصح الحكومة بإعادة النظر في هذه الحزمة، فإني أعتقد بأن هناك حاجة لإجراء بعض التصحيحات، فلا ينبغي النظر في المسائل المتعلقة بالأمن فقط من باب الظروف الحالية"، لافتاً إلى أن "السلطات الممنوحة للشرطة في الحزمة مثيرة للمشاكل، وعلينا ألا ننسى كيف أساء بعضهم استخدام سلطاته في قضايا التجسس التي لم تنتهِ بعد".

ويقترح مشروع القانون، "توسيع صلاحيات الشرطة بالتفتيش والاحتجاز، والقيام بنشاطات استخباراتية واسعة لجمع المعلومات، كالتنصت على الهواتف وباقي أدوات الاتصال الإلكترونية للمشتبه فيهم وتفتيش منازلهم ومكاتبهم".

ويتمّ ذلك، وفقاً للقانون المقترح، من دون الحاجة إلى أوامر من المحكمة، التي يحقّ لها الاعتراض وإيقاف هذه الحملات، كما يجعل هذا القانون قنابل "مولوتوف" والمقلاع، التي يستخدمها أنصار "العمال" في تظاهراتهم، أسلحة يُحاسب عليها القانون.

وتعطي الحزمة الولاة سلطة تعليق القانون واستخدام الحقوق الأساسية عند الضرورة، كما كان الحال في أجزاء كبيرة من جنوب شرق تركيا، عندما كانت تُدار تحت قانون الطوارئ بين عامي 1987 ونوفمبر/تشرين الثاني 2002.

وجاءت هذه الحزمة رداً من الحكومة التركية على أعمال الشغب الواسعة، التي رافقت الاحتجاجات التي دعا إليها "الشعوب الديمقراطي" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لمساندة مدينة عين العرب السورية.

المساهمون