"الحرامية" في السودان يتاجرون بالمساعدات الإنسانية

16 مارس 2015
تعج سوق المسروقات في السودن بمساعدات المحتاجين (فرانس برس)
+ الخط -
انتشر في السودان، خلال الفترة الماضية، عدد من الأسواق الهامشية لعرض البضائع المسروقة والسلع المستعملة التي تصل عادة إلى البلاد كمساعدات للمحتاجين.

 
"زقاق الحرامية" عبارة عن شارع ضيق بالقرب من الأسواق الكبرى في الخرطوم. رغم التسمية الواضحة، إلا أن أحداً لا يجزم بأن كل ما يعرض في سوق الحرامية مسروق. هنا لا توجد محال تجارية عادية، وإنما طاولات تمتد على طول الشارع، يعرض عليها التجار سلعا مستعملة. وفي السوق تجد أيضاً باعة متجولين يلاحقون المارة بعبارة "أصلية"، "مضمونة"، "شبه جديدة"، للدلالة على جودة منتجاتهم.


أحد التجار العاملين في السوق يتردد في الحديث مع "العربي الجديد"، وبعد التأكيد على عدم كشف هويته يقول: "المتعاملون بالبضائع المسروقة لا يكشفون عن أنفسهم ولا عن هويتهم الحقيقية كجزء من المحاذير الأمنية. ولكن هؤلاء يعرفون بعضهم بعضاً، لا بل إن غالبية السارقين لا يعرضون "غنائمهم" بأنفسهم في السوق، وإنما يتواصلون مع التجار ويبيعونهم البضائع". ويلفت إلى أنه "يوجد وسطاء أيضاً بين التجار والسارقين، يضمنون انتقال البضائع من السارق إلى التاجر من دون إثارة الشكوك".

ويتابع التاجر: "نشتري البضائع عبر الوسيط بأسعار زهيدة جداً ونبيعها بضعف السعر، وتبقى برغم ذلك أرخص من السعر المعروض في الأسواق العادية، فنحن لا ندفع ضرائب ولا إيجارا ولا رسوما ولا رواتب للموظفين".

أما البائع المتجول أحمد، فهو يعرض الملابس المستعملة في الهواء الطلق. ويقول إنه يلجأ إلى شراء الملابس من موردين ووسطاء في هذا المجال. ويؤكد أن معظم تلك الملابس تأتي من أوروبا للجمعيات ولدور العبادة، ويعمد الوسطاء إلى إدخالها إلى السوق بأسعار زهيدة. ويقول أحمد "نتعرض للملاحقات من قبل الأمن، ولكننا نعود إلى الشارع، فهذه التجارة مربحة جداً وتستحق المخاطرة".

في المقابل، يشكو أصحاب المحال التجارية من أسواق الحرامية، التي يرون أنها تساهم في إحداث فوضى في الاقتصاد، كما تتسبب في إفلاس التجار وكساد الأسواق.

ويرى الخبير الاقتصادي محمد الناير أن للأسواق الهامشية آثارا سلبية على الاقتصاد، باعتبار أنها عادة ما تكون ساحة لبيع المسروقات بأسعار زهيدة، ودون أن تخضع لنظام السوق، فضلاً عن تهربها من دفع الضرائب والرسوم الأخرى. ويؤكد أنها تؤثر سلباً على التاجر الذي يقوم باستئجار محل تجاري ويدفع فواتير الكهرباء والمياه وغيرها، الأمر الذي ينسحب على سعر البضاعة لديه. ويشدد على أن "هذه الأسواق تخلق مناخاً اقتصادياً غير متوازن".


ويؤكد نائب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان، بابكر محمد توم، وجود قانون لتنظيم التجارة وآخر خاص بالمصدرين والمستوردين يسهم في ضبط حركة السوق. ويشير في حديث مع "العربي الجديد" إلى أهمية فرض السلطات المحلية رقابة قوية على السوق عبر نشر الشرطة هناك. ويوضح أن "سياسة تحرير الاقتصاد التي تنتهجها الدولة لا تعني انتشار الفوضى، إذ لا بد من وضع ضوابط للأسواق". ويشدد على أن أسواق الحرامية تؤثر سلباً على الاقتصاد، في حين أن الأسواق العشوائية بشكل عام تعتبر هدراً للمال العام، كونها يتهرب العاملون فيها من أداء واجباتهم الضريبية.

إقرأ أيضا: ما هو رأس المال الثابت والمتحرّك والمكتسب؟
دلالات