"الحداثة والتحديث في دول الخليج".. من زاوية النفط والتعليم

28 يناير 2019
(حيّ الأحمدي خلال الخمسينيات، من أرشيف شركة نفط الكويت)
+ الخط -

منذ بداية خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم، عرفت بلدان الخليج العربي تحوّلات غيّرت ملامحها، ليس فقط الظاهر منها في المعمار وأنماط الحياة، بل أيضاً السلوكات والعلاقات الاجتماعية. هذه التحوُّلات هي موضوع كتاب "الحداثة والتحديث في دول الخليج العربية منذ منتصف القرن العشرين"، للباحث في التاريخ، الكويتي عبد المالك خلف التميمي، والصادر حديثاً ضمن سلسلة "عالم المعرفة".

يُلقي العمل الضوء على تجارب تحديثية في أوروبا ومصر والصين واليابان قبل أن يُقارب الموضوع في الخليج العربي، حيث يعود إلى بدايات ظهور النفط، طارحاً أسئلة من قبيل: إلى أي مدى استفادت هذه الدول من عائدات النفط؟ وهل تمكّن التعليم من إفراز حداثة ثقافية تُرشد التحديث وتؤثّر فيه؟

يتوزّع الكتاب بين عدّة أبواب يخصّص المؤلف كل واحد منها لبلد خليجي، ليقدم رؤية أفقية عامّة تستند إلى ما يراه التميمي الزاويتين الرئيسيّتين لفهم كل تغيّر، أي النفط والتعليم. ويرى المؤلف أن هذين العاملين كانا أداة بناء واقع جديد، ولكن أيضاً أداة لتفكيك المجتمع الخليجي التقليدي.

يستعرض التميمي سريعاً تاريخ الشركات النفطية، منذ أن كانت تحت السيطرة الأجنبية وصولاً إلى تأميمها في منتصف السبعينيات. ومن جانب آخر، يتناول التعليم ومشكلة الكمّ والنوع فيه، واستقدام كفاءات عربية إلى جانب إرسال بعثات من طلّاب البلد نفسه إلى الخارج، متطرّقاً بشكل عابر إلى تأخُّر تعليم الفتيات.

في ما يخصّ التحديث السياسي، يقول التميمي: "أدرك المثقفون في منطقة الخليج العربي، منذ بدء النهضة في منطقتهم، أن المسألة لا تقتصر على وجود الثروة من عائدات النفط، فالنهضة والحداثة في بلدانهم تتطلّبان إصلاحاً سياسياً، ولذلك سعى الوطنيون منذ البداية إلى المطالبة بالإصلاح السياسي، فقد سعى البحرينيّون ثم الكويتيّون ونخب مثقّفة من دول الخليج الأخرى إلى التركيز على ذلك المنحى واعتبروه مدخلاً إلى الإصلاح والتنمية والتقدُّم في إماراتهم ثم دولهم".

ويعتبر المؤلّف أن التحديث وحده لا يكفي مهما كانت مشروعاته ما لم يكن معقلناً ومحدّد الأهداف، وما لم تتوافر ثقافة الحداثة عند النخبة ولدى عامّة المواطنين.

في البحرين، يتوقّف التميمي عند توطين الوظائف والثقافة والتطوّر الصناعي. وفي الباب المخصّص لقطر يتطرّق إلى النهضة منذ التسعينيات إلى اليوم وتطوّر التعليم والاهتمام اللافت بالفنون والثقافة. وفي ما يتعلق بعُمان، يقدّم الكاتب قراءة في التحديث الذي بدأ متأخّراً نسبياً عن جاراتها. وفي باب متعلق بالإمارات، يتناول دور الاتحاد في تحديث البلاد، أمّا الفصل المتعلّق بالسعودية فقد بدا أضعف فصول الكتاب.

لدى حديثه عن مستقبل دول الخليج، يستند التميمي إلى دراسة أجراها فاهان زانويان، حول القضايا التي تواجه هذه الدول بعد حقبة الازدهار النفطي، وخاصة مسألة الخصخصة ومخاطرها والتحوّل في النمط الاقتصاد الريعي وما يستتبعه من تحوّلات قد لا يكون من السهل السيطرة عليها.

المساهمون