لم يكن صنّاع الفيلم الإيراني "الحارس الشخصي" يتوقّعون أن يحقّق النجاح الجماهيري الذي حصده، حيث بلغت أرقام شباك تذاكره ما يقارب المليوني دولار، وهو رقم ضخم بمقاييس دور السينما المحلية.
يقف بطل الفيلم برويز برستويي أمام كاميرا المخرج إبراهيم حاتمي كيا للمرّة السادسة بعد عشر سنوات من تعاونهما آخر مرة. ويجسّد هنا شخصية الحارس الشخصي المُوكلة إليه حماية أحد المسؤولين في البلاد، حيث يبدي جهوزيته للتضحية بنفسه لأجل مبادئه التي يجسدها هذا المسؤول، إلى أن يكتشف مع مرور الوقت أنه يحرس شخصية كل همّها تحقيق مصالح ومنافع خاصة، فيبدأ الصراع الداخلي لديه. يتردّد البطل في اتخاذ قرار بالاستقالة من مهنته هذه، إلى أن يقرّر الاستمرار في الدفاع عن مبادئه ومصالح بلاده من خلال الانتقال للعمل كحارس شخصي لأحد علماء البلاد النوويين.
ينقل الفيلم جزءاً من الواقع السياسي في إيران اليوم، إذ تطرّق إلى قضايا الاختلاس الحكومي، وملفّات التأمين الاجتماعي والنظام المصرفي، فرأى البعض أن حاتمي كيا وجّه انتقادات مبطّنة للدائرة التي كانت تحيط بالرئيس السابق علي أحمدي نجاد.
يقول الناقد السينمائي حسين سلطان محمدي في حديث إلى "العربي الجديد" إن "الفيلم يركّز على المبادئ الراهنة، والتي تحكم المجتمع الإيراني، ويقارنها بمبادئ الثورة والجمهورية الإسلامية القائمة في الأساس على الدفاع عن مصالح البلاد". ويضيف أن الفيلم أتى في وقت يعاني فيه المجتمع من مشكلات كثيرة، وبوجود جيل شاب لم يعش الثورة الإسلامية، مثّلته ابنة الحارس الشخصي في الفيلم، وجيل أكبر سناً هو من صنع الثورة ومبادئها ويمثّله الحارس نفسه.
بحسب رأي محمدي، فإن الفيلم يوجّه رسالة بأن المجتمع بدأ يبتعد عن بعض الأساسيات التي قامت لأجلها الثورة، ويدعو مخرجه لعدم الازدواجية في تطبيق هذه المبادئ، معتبراً أنها فكرة جديدة تطرح لأول مرة في السينما الإيرانية بهذه الطريقة الجريئة والواضحة، حاملة انتقاداً مبطّناً لدائرة السياسيين.
وأضاف أن المخرج قام بتسويق الفيلم بوصفه صراعاً بين من يؤمن بمبادئ الثورة كالبطل وزوجته، وبين من يفضّل عدم العيش في أجواء أمنيّة، فخلص إلى أن الثورة قامت في الأساس للوقوف ضدّ أن يتعرض المجتمع للتهديد، حسب تعبيره.
على الضفة الأخرى، جاءت الاعتراضات على فكرة الفيلم لإشارته إلى معاوني الرئيس السابق نجاد، إذ قامت مجموعة من الأفراد، مؤخراً، بإنزال اللوحات الإعلانية للفيلم التي أُلصقت في شوارع العاصمة، ومنها تلك التي كانت موجودة في ساحة "إمام حسين" جنوبي طهران.
وبوجود تفسيرات مختلفة، يستمر عرض الفيلم في زمن وصل فيه تيار الاعتدال إلى سدّة الرئاسة، والذي استطاع التوصّل إلى الاتفاق النووي مع الغرب، الأمر الذي تطرّق إليه العمل، وهو ما يمكن فهمه من قرار "الحارس الشخصي" بالعمل لصالح عالم نووي، بعد سلسلة اغتيالات طاولت علماء ومهندسين نوويين في الداخل قبل سنوات، في إشارة إلى أن طهران تصرّ على استكمال طريقها النووي.