لم تتوقف نسب التضخم عن وتيرتها المتسارعة في الصعود منذ الثورة، إلى مستويات جديدة داخل السوق المصرية، تزامناً مع شح العملة الأجنبية في القنوات المصرفية الرسمية، ثم تحرير كامل للجنيه في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
في 25 يناير/ كانون الثاني 2011 (تاريخ اندلاع الثورة)، بلغت نسبة التضخم في مصر 11%، واستمرت على هذه الحدود حتى إسقاط حسني مبارك، لتبلغ الشهر الماضي 31.7%، وهي نسبة تاريخية في مصر، مع ارتفاع بلغ 190% عن 2011.
ويستعرض هذا التقرير معدل التضخم السنوي في مصر خلال الفترة التي أعقبت خلع مبارك، مروراً بفترة المجلس العسكري والرئيسين الأسبقين المعزول محمد مرسي وعدلي منصور، وصولاً إلى فترة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي والفترة التي أعقبت التعويم.
فترة المجلس العسكري
خلال فترة حكم المجلس العسكري الذي فوضه مبارك بإدارة شؤون البلاد، ارتفع معدل التضخم السنوي من 11.8% في مارس/ آذار 2011، إلى 12.1% في يونيو/ حزيران من العام نفسه. وأخذت النسبة في التراجع إلى 7.5% في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه أيضاً.
وسجل معدل التضخم السنوي في مصر 9.2% في يناير/ كانون الثاني 2012، وارتفع إلى 9.9% في الشهر التالي، وبدأ يتراجع إلى 9.3% في إبريل/ نيسان، وواصل الانخفاض إلى 7.4% في يونيو/ حزيران من العام نفسه.
فترة محمد مرسي
وبدأ حكم محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً، بشكل رسمي في الأول من يوليو/ تموز 2012، واستمر عاماً.
وتراجع معدل التضخم السنوي إلى 6.3% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حكم مرسي، ليرتفع إلى 7% في الشهر الرابع، وبدأ مسيرة الانخفاض إلى 4.1% في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 وارتفع إلى 4.7% في الشهر التالي له.
وارتفع معدل التضخم السنوي إلى 6.6% في يناير/ كانون الثاني 2013، وبدأ مسيرة الصعود إلى 10.9% في يونيو/ حزيران 2013، آخر شهر أمضاه مرسي في الحكم قبل الانقلاب عليه وعزله.
فترة عدلي منصور
ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 11.5% في يوليو/ تموز 2013، أول شهر للرئيس المؤقت عدلي منصور، بعد الانقلاب على مرسي، وتراجع إلى 10.9% في الشهر التالي، وبدأ موجة الصعود من 11.1% في سبتمبر/ أيلول 2013، ليصل إلى 12.2% في يناير/ كانون الثاني 2014.
وتراجع معدل التضخم السنوي إلى 10.2% في فبراير/ شباط 2014، وواصل الانخفاض 8.2% في يونيو/ حزيران من العام نفسه، مع تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكم خلفاً لمنصور.
فترة السيسي
ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 11.1% في يوليو/ تموز 2014، أول شهر للسيسي في الحكم، وسجل 11.5% في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، وتراجع خلال الشهرين التاليين إلى 8.5% و9.80% على التوالي، ليبدأ موجة الارتفاع إلى 10.7% في فبراير/ شباط 2015.
ووصل التضخم إلى 16.4% في أغسطس/ آب 2016 وتراجع قليلا إلى 14.6% في الشهر التالي، ثم إلى 14% في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه.
وكانت مصر على موعد مع التعويم في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، إذ قفز معدل التضخم السنوي إلى 20.2% في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، ومنذ ذلك الحين يواصل ارتفاعه إلى 24.3% في نهاية العام الماضي.
وواصل معدل التضخم السنوي ارتفاعه ليصل إلى 29.6% في يناير/كانون الثاني 2017 و31.7% في الشهر التالي له، وهو أعلى معدل خلال عقود.
أسباب التضخم
إضافة إلى تعويم الجنيه، اتخذت الحكومة المصرية في عهد السيسي عدة قرارات اقتصادية ساهمت في زيادة الأسعار. أهمها زيادة تعرفة الكهرباء في أغسطس/آب، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي تصاحبها عادة زيادة في الأسعار، خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر/أيلول الماضي.
كذلك أعلن البنك المركزي، في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، عن تعويم الجنيه بشكل كامل، وإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي.
وبعدها بساعات أعلنت الحكومة عن زيادة أسعار البنزين والسولار والمازوت والكيروسين وغاز السيارات وأسطوانة البوتاغاز بنسب تراوح بين 7.1% و87.5%.
وتعاني مصر في السنوات الأخيرة من تدهور اقتصادي، وسط تفاقم عجز الموازنة وارتفاع التضخم وتراجع إنتاج الشركات والمصانع وشح العملة الصعبة في ظل غياب السائحين والمستثمرين الأجانب وتراجع إيرادات قناة السويس.
وفي منتصف الشهر الماضي، توقع وزير المالية المصري عمرو الجارحي، ارتفاع معدل التضخم إلى الذروة بحلول نهاية الربع الأول من العام الحالي، وبعدها تلاشي صدمات الأسعار التي قفزت في أعقاب تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود.(العربي الجديد، الأناضول)