"البنت والمجاهدون": أكثر من تطرّف واحد

18 نوفمبر 2015
(تصوير: إيريك تيبو)
+ الخط -

كانت الكاتبة والصحافية الفرنسية المقيمة في ألمانيا، برون أنطوان، تعتقد أنها تقترح سرداً سيقدّم تفسيراً لعملية "شارلي إيبدو" التي هزّت باريس بداية العام الجاري، ولم تكن تتصوّر أن فترة قصيرة بعد صدور كتابها، ستعيش باريس عملية أكبر حجماً ووقعاً. منذ أيام، قدّمت أنطوان للقرّاء الألمان عملها "البنت والمجاهدون" (منشورات مونبارناس) الذي تقع أحداثه في بلادهم.

تحكي أنطوان في عملها عن لقاء (لا تشير إلى واقعيته أو خياليّته) حدث بينها هي، ذات الثلاثين عاماً، وبين دجاهار، الشاب العشريني المسلم الآتي منذ سنوات قليلة إلى ألمانيا من الشيشان والمناصر للـ "الجهاد".

تحاول أنطوان أن تقيم علاقات بين عوالم مثيرة في مدينة برلين، لا تمثل جماعات التطرّف الديني غير زاوية منها؛ عوالم مثل تجارة المخدرات أو الحياة الليلية الصاخبة.

تتسرّب عبر العمل العديد من آراء الكاتبة، فهي تشير من خلال صداقتها مع دجاهار إلى أن من يوصفون بـ "الجهاديين" قابلون للحوار، كما تثير قضية العدوانية التي تبثها وسائل الإعلام تجاههم ما يجعلهم أحياناً مجبرين على مزيد من التطرّف.

الرواية تحاول أيضاً أن تدرس التطرّف من زوايا متعددة، فصداقة دجاهار لم تكن سوى تتبع لمسار تطور التطرف الديني في شخصيّته، وهي في الوقت نفسه تتبُّع لمتاهات "تطرّف" أخرى متوفرة داخل المجتمع الألماني، حيث أن دجاهار كان يلعب الملاكمة في بلاده، وحين جاء ألمانيا لم يجد أين يمارس لعبته؛ فانتمى إلى فريق مكلاكمة سري، يعتمد القتال الوحشي. تبيّن أنطوان من خلال ذلك أن المجتمع الأوروبي يحتوي على أشكال أخرى للتطرف، ما يجعل فئةً من المقيمين فيه متقبّلين أكثر فأكثر للتطرف الديني.


اقرأ أيضاً: انتقائية الذاكرة الأوروبية: الغجر بين محرقتين

المساهمون