في الوقت الذي يشهد فيه المغرب تراجعاً لافتاً للمجلات الأدبية المتخصّصة، تتّجه "البلاغة والنقد الأدبي"، وهي مجلّة فصلية علمية محكمة، إلى ترسيخ وجودها في المجال الأدبي والبلاغي وتحليل الخطاب بمختلف تجلّياته.
أصدرت المجلة، التي انطلقت في 2014، ستّة أعداد ارتكزت فيها على قيمة البحوث العلمية، وانخراط عدد من الأسماء المعروفة في المشهد الثقافي المغربي. ولعلّ استقرار أسلوبها وطاقمها التحريري وانفتاحها على الدراسات والمساهمات العربية عوامل ساهمت في ضمان تلك الصيرورة في الإصدار.
العدد السادس (ربيع/ صيف 2016)، الذي صدر مؤخّراً، تصدّره ملف حول "الرواية المغربية وآفاق التجريب"، افتُتح بدراسة للناقد سعيد يقطين بعنوان "التجريب وما بعد التجريب: أية صيرورة؟"، أكّد فيه على "أننا حين نتحدّث عن التجريب في الإبداع الأدبي، فإننا في الحقيقة نلامس موضوع التجديد على مستوى الإبداع، وبذلك تخلق للأدب صيرورة جديدة تتماشى مع التطوّر في الحساسيات والأذواق الفنية والجمالية".
ضمّ العديد من المقالات النظرية التي سعت إلى ضبط مفهوم التجريب وتتبّع مساراته، والدراسات التطبيقية التي حاولت رصد تجلّيات التجريب على مستوى النصوص الروائية في المغرب؛ إذ تناول المليودي شغموم "ملامح التجريب المغربي"، بينما رصد محمد بوعزة "أثر المولّف"، وقارب أحمد الجرطي "سؤال الكتابة واستراتيجية السرد"، وتناولت خديجة البوعزاوي "دينامية الاختزال التاريخي في الرواية المغربية"، وتطرّق عبد الخالق عمراوي إلى "بلاغة السخرية".
أمّا العربي الرامي، فقارب "العجائبي في الرواية المغربية"، وحاول عبد الواحد عرجوني تفكيك "ملامح التجريب"، وخصّ عبد الواحد المرابط الرواية النسائية المغربية بدراسة تتبّعت أثرها في النقد.
حافظ العدد الجديد على التبويب نفسه؛ إذ تضمن باب "دراسات وأبحاث" عدداً من الدراسات والمقالات التي أثارت قضايا مثل: "النص والمعنى والمتخيّل عند إيكو"، و"المباحث اللسانية وعنف الاستعارة الصحفية". وفي باب "الترجمة"، نُشرت دراسة بعنوان "البنية في اللسانيات" لـ إيميل بنفينيست.
أمّا حوار العدد، فكان مع الناقد عبد الحميد عقار، حول مسارات الرواية، والأدب والفن بشكل عام، وهو ما يصفه بـ "الذخيرة الباقية للأمّة". وتتبّع باب "قضايا بلاغية ومفاهيم" موضوع "التناص: المرجعيات والتجليات"، لينتهي العدد بدراسة حملت عنوان "المعجم الموحّد لمصطلحات الآداب المعاصرة: قراءة أفقية وعمودية".
بصدور العدد السادس من المجلّة، يُلاحَظ انفتاحها المتزايد على الأسماء العربية؛ حيث شاركت فيه، إلى جانب الأسماء المغربية، كلّ من الباحثة التونسية صبيحة جمعة، والباحث الأردني عيسى عودة برهومة.
يُذكَر أن هيئة التحرير أعلنت عن ملفّ عددها القادم، والذي تخصّصه لموضوع "الشعر المغربي الحديث والمعاصر".