"البعث الإيراني" في سورية

11 مايو 2014
+ الخط -
تحالف "العروبيين"، شيعة وسنة وأقليات أخرى، مع الفارسيين الشيعة، ضد الغالبية السنية في سورية، والأقلية السنية، بالعدة وليس بالعديد، في المنطقة، تحت شعار "الممانعة" و"المقاومة"، بات عنواناً واضحاً، لا يغيب على ذهنية مطلع، أو وعي مراقب للأحداث الجارية في شام الأمويين.
رفعت رايات سوداء على مسجد القصير الكبير في إبريل/ نيسان 2013، بعد أن انتصرت "الأحزاب" على "صابئي الممانعة" الذين خرجوا مطالبين بإسقاط حاكم مستبد، سلط العرب والعجم على دماء الأبرياء في لبنان وسورية والعراق وأحواز إيران، ليبقى على كرسي حكم ورثه عن أبيه، بتزكية من المدرسة الفكرية للولي الفقيه.
بأذان فارسي، كذلك ينادى للصلاة، من مسجد خالد بن الوليد في حي الخالدية، بينما كانت تخرج مئات قليلة من ثوار حمص القديمة إلى ريف حمص الشمالي، بعد أن جوعت أهليهم قوات نظام مجرم وميليشيات عصبوية طائفية إجرامية، بعثت بفظائع الإجرام من مشهد وقم والنجف والضاحية الجنوبية إلى سورية، برعاية الولي الفقيه ودعمه.
أيُّ الكوارث هذه التي تحل على السوريين اليوم، شيعة وسنة ودروزاً وعلويين وإسماعيليين ومرشديين، يمينيين ويساريين، مؤيدين بقاء بشار الأسد رئيساً أو رافضين؟، بل أيُّ دمار ينتظر المنطقة كلها، بعد أن تحولت سورية إلى أرض محتلة من قوة أجنبية تحكمها، صورياً ودعائياً، عائلةٌ تدعي الوفاء للمشروع القومي العربي وقضيته المركزية ممثلة فلسطين؟ 
لن ينفع حذف وكالة أنباء فارس ما نقل عن القائد السابق للحرس الثوري الإيراني قوله إن بلاده مستعدة لإرسال 130 ألف مقاتل من قوات "الباسيج" إلى سورية، ولن يغفر التاريخ لأحد تجاهل الإعلان عن تشكيل "حزب الله سورية"، بعد تشكيل "حزب الله العراق" تيمناً بـ "نجاحات" "حزب الله لبنان". هلال شيعي جديد، بصبغة حزبية عسكرية، يعاد إنتاجه في العراق وسورية ولبنان، ينتظر ذراعان منه لحظة الحسم للفتك، سياسياً، بالحاضنة الشعبية لـ "بعث" سورية، و"دعوة" العراق.
بشار الأسد يُسلّم سورية، أو على الأصح، ما تبقى منها، للإيرانيين، وسط صمت دولي مقيت، وفي وقت تتقلب فيه الحسابات الدولية والإقليمية، ليعاد ترتيب المنطقة بشكلٍ، يضمن ضعفاً في الخط الدفاعي على الحدود السورية اللبنانية مع إسرائيل، وتراجعاً للمد "الجهادي" نحو المناطق الملاصقة لدولة الاحتلال، وذلك كله يحدث، وكأن إيران رأس الحربة المدبر والمنفذ، يعمل بصمت، ينجز بسرعة، بلا كلل أو ملل، وبكل طاقته، من دون أن توجه له الأوامر.
نقول لمن يتحدث عن الدولة العلوية، عذراً، فمع كل الأسف، هناك دولة فارسية، تمتد بعناوين مختلفة من اليمن وعبر الخليج إلى الشام فالعراق، ستصنع لها كانتونات بأسماء دول، بتشبيه أكثر من بليغ، واستعارة أكثر من رائعة للاستراتيجية الروسية، في محيطها الجيوسياسي القريب والبعيد.
كيف لا، ومقدمات الكارثة بدأت تتبدى. بينما يحارب أصحاب الأرض التوغل الفارسي، إن صح التعبير، في المنطقة، بالقضاء على أذرع إيران في اليمن، وسورية والعراق ولبنان وبلدان آسيا الوسطى، فما تلبث هذه الأذرع، بعد كل هزيمة، أن تزداد قوتها وتقوى عقيدتها، وتنهمر عليها الأعطيات من كل حد وصوب. هي سياسة "قص الشعر" مع إيران، يتبعها العرب في الخليج والشام والعراق، لا هو انتصار نهائي على التوغل الإيراني، ولا هو ردع مؤقت للمشاريع الطارفة للولي الفقية، بل هو تعزيز وتقوية وإضفاء هوية على هذه الأذرع.

 
avata
رعد اللاذقاني

كاتب سوري