في التاسع من أيلول/ سبتمبر عام 1668، عرَض موليير مسرحيته "البخيل" لأول مرة في مسرح القصر الملكي بباريس، ولم تلق ترحيباً من الجمهور آنذاك قبل أن تستعاد من جديد وتقدّم على المسارح الفرنسية والعالمية آلاف المرات ضمن رؤى إخراجية مختلفة، وتحوّل أيضاً إلى أعمال درامية للسينما والتلفزيون.
تتعدّد الدراسات حول مصادر الشاعر والكاتب المسرحي الفرنسي (1622 – 1673) لكتابة هذا العمل، حيث قبل إنه استند إلى شخصية واقعية عاشت في زمنه، وأنها استفاد من مراجع إغريقية لتطوير حياة هارباغون الذي يكوّن ثروة كبيرة مقتّراً على أسرته التي عانت منه، حيث يرفض اختيار ابنه وبنته لشركائهما في الحياة ويسعى لتزويجهما من أغنياء أكبر منهما سناً.
بعد توقّف عرضها لثلاث أشهر، عاد مسرح الهناجر في "دار الأوبرا" بالقاهرة، مساء الخميس الماضي بتقديم مسرحية "البخيل" من إعداد وإخراج خالد حسونة، ويشارك في التمثيل أشرف طلبة، ومحمود متولي، محيي الدين يحيى، وسوزان مدحت، ونشوى عبد الرحيم، ونوران عبد الحميد، وياسمين عسكر، وآخرين.
العرض يلتزم بكافة الإجراءات الاحترازية، حيث سيحضر ربع الجمهور المخصّص للقاعة مع ارتداء الكمامات والمرور من بوابة التعقيم، وقدّم لثلاث مرات وسيعاد تقديمه نهاية الشهر الجاري، بعد أن كان قدّم نهاية العام الماضي من إنتاج "مسرح الشباب".
لم يتقيّد المخرج بزمان ومكان محددين في تركيز على بيت البخيل هرباغون الذي يرمز إلى مجتمع أكبر، بكل ما فيه من علاقات متشابكة ومعقدة، وصراعات طبقية، مع الاحتفاظ بديكور ثابت لقصر ينتمي تصميمه للعصور الوسطى في باريس، والاهتمام بالحوارات التي تشير إلى هيمنة القيم المادية والحياة الاستهلاكية في الواقع على حساب المشاعر الإنسانية.
لجأ حسونة إلى إشراك الجمهور في العرض من خلال الحوار معهم في مشاهد معينة، والاستفادة من التفاعل مع الشخصية الكاريكاتورية للبخيل التي تقوم بالعديد من المبالغات في سلوك هوسي للحفاظ على المال والخوف من فقدانه، حيث قام بدفنه في حديقة القصر، ليحرم الجميع منها حتى أبناءه، وامتنع عن دفع مرتبات العاملين لديه من موظفين وخدم وطباخين وغيرهم.