"الإنس والجام": جد؟

30 ابريل 2020
كتب الأغنية الأخيرة ولحّنها إبراهيم نجم (العربي الجديد)
+ الخط -
في الأيام القليلة الماضية، عادت فرقة "الإنس والجام" الفلسطينية لتنشط من جديد، ولتصدر أغنيتين منفردتين خلال أقل من أسبوع، بعد أن مضى أكثر من عام على إصدارها آخر أغنية منفردة لها. الأغنية الجديدة الأولى حملت عنوان "إنّا معكم"، وقد أصدرتها "الإنس والجام" بمناسبة يوم الصحة العالمي، في 17 إبريل/نيسان، وأرفقتها بإهداء لكل العاملين والعاملات في المهن الطبية والصحية. وأما الأغنية الثانية فهي أغنية عاطفية جديدة، حملت عنوان "جد".
أسلوب الجوقة الذي يطغى على أغنية "إنّا معكم"، يجعل الأغنية تبدو غريبة تماماً عن أسلوب "الإنس والجام"، التي اقترن اسمها لدى الجمهور بالأغنية العاطفية. وكأن القضية التي تحملها الأغنية تطغى على روح الفرقة لتغيبها. مع العلم أن "الإنس والجام" كان لها تجربة سابقة بالغناء لقضايا إنسانية، بأغنية "لقيوني عالشط"؛ ولكن الفارق الكبير بين الأغنيتين، أن هوية "الإنس والجام" لم تتلاش ضمن الأغنية، وتمكنت فيها من المحافظة على ذات الدفء الطاغي على أغانيها؛ وهو ما تفتقده "إنا معكم".
أما الأغنية الأخيرة، "جد"، فهي تبين أن "الإنس والجام" لا تزال قادرة على المحافظة على ذات البساطة والعفوية التي بدأت منها قبل ثلاثة أعوام؛ ربما يساهم بهذا الانطباع الكليب البسيط المرافق للأغنية، الذي تم تصويره ضمن فضاء وإمكانيات محدودة بما يتلاءم مع ظروف وحالة الحجر الصحي التي قيدّت العالم بأسره. ولكن العفوية التي نتحدث عنها لا تتعلق بالكليب وحسب، بل بكل مكونات الأغنية، الكلمات والألحان التي صاغها إبراهيم نجم، وأداء محمد مصطفى، تحيلنا إلى العفوية والبساطة التي تمتعت بها أغنية "ترللي" بالتحديد، والتي كان لها الفضل بصناعة اسم "الإنس والجام" واكتسابها للشعبية التي تتمتع بها على المستوى العربي.
لكن هذه العفوية التي تجعل الأغنية تمر مروراً لطيفاً يجعلك لا تمل من تكرار الأغنية وإعادتها عدة مرات، والتي قد تحفزك للعودة إلى إصدارات الفرقة الأولى والاستماع إلى أغنية "ترللي" وما تلاها؛ هي سلاح ذو حدين فعلياً؛ فهي تترك انطباعاً سلبياً بدورها، إذ تدفعنا للتساؤل عن المكان الذي وصلت إليه "الإنس والجام" بعد مضي ثلاثة أعوام على طرح أغنيتها الأولى "ترللي"، وعن السبب الذي يجعل الفرقة تبدو لا تزال عالقة في هذه النقطة، وعن الأسباب التي أخرتها وحالت دون إصدارها ألبومها الأول.
ففرقة "الإنس والجام"، التي تمكنت منذ إصدارها الأول أن تتجاوز بشعبيتها حدودها المحلية، لم تصدر حتى اليوم سوى 6 أغان منفردة، أي بمعدل أغنيتين كل سنة، وهو رقم ضئيل للغاية، أثّر بكل تأكيد على انتشار الفرقة بالشكل الذي تستحقه؛ ومن بين هذه الأغاني الستة هناك أغنيتان تشذ بهما "الأنس والجام" عن مسار الأغنية العاطفية التي يفضلها جمهور الفرقة وهذا ما يوحي بأن الفرقة اليوم بحاجة لدفعة جديدة نحو الأمام. ربما بات إصدار الألبوم الأول أمراً ضرورياً لضبط مسارها بالشكل الصحيح.
دلالات
المساهمون