"الإرث المسموم".. من جرائم الاستعمار الفرنسي

01 اغسطس 2019
(ملصق الفيلم)
+ الخط -
ركّزت معظم الأعمال السينمائية التي أُنتجت حول مرحلة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، على أبرز المعارك التي خاضها المجاهدون أو عن سيَر بعضهم، مثل "معركة الجزائر" للمخرج الإيطالي غيلو بونتيكورفو، و"دورية نحو الشرق" و"ريح الأوراس" للمخرجين الجزائرييْن عمّار العسكري والأخضر حمينة على التوالي.

قليلة هي الأفلام التي ناقشت قضايا ليست في متن الصراع الرئيسي لكنها كانت مؤثرة فيه، وتتعلّق بحياة الناس الاجتماعية والطبقية ومشاكلهم وعلاقتها بالمحتل، منها الفيلم الوثائقي "الإرث المسموم" للمخرج حمدي بركاتي الذي عرُض أول امس في منتدى جريدة "الحوار" في الجزائر العاصمة، من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية وتنفيذ "شركة الإنتاج السينمائي".

يتناول العمل الذي تعود فكرة إنتاجه إلى عام 2015، واحدة من جرائم المستعمر الفرنسي التي تتمثّل في إلصاقه الألقاب القبيحة والمشينة لعدد من العائلات بحكم القانون الذي طُبّق عام 1882، ولا تزال القضية راهنة رغم أن آلاف الأشخاص استطاعوا استبدال أسماء عائلاتهم بعد معاملات رسمية بطيئة، إلا أن آلاف أخرى لم تغيّرها حتى اليوم.

وتعلّل وزارة العدل تأخر المصادقة على تغيير الألقاب بالإجراءات الدقيقة التي تجريها للتحقق من عدم لجوء البعض إلى تغيير ألقابهم قصد التهرب من السوابق العدلية أو لتفادي اختلاط النسب بين العائلات أو استغلال الأمر كثغرة قانونية في قضايا الميراث مثلاً.

بدأ التحضير للفيلم الذي يُعرض في 52 دقيقة، بحسب المخرج، بالاتصال مع الأسر المتضّرة من قانون الحالة المدنية الذي فرضه الفرنسيون على الجزائريين من خلاله ألقاب تحمل دلالات خادشة ومعيبة، بحيث تنقّل طاقم العمل ما بين الجزائر وتونس وفرنسا.

يشير بركاتي إلى أن نتيجة الاتصال مع عشرات العائلات تمخضّت عن مواقفة ثلاث منها فقط، لأن المسألة تعدّ من التابوهات في المجتمع الجزائري، حيث شاركت عائلة من سكيكدة تمثّلها أستاذة الإعلام آمال هادفي، وبختي مسعود من ولاية الجلفة، وعائلة من بوسعادة، وجميع هذه العائلات غيّرت لقبها القبيح الذي عانت منه طويلاً.

في هذا السياق، أوضح المؤلف أن الفيلم هو عبارة عن مقاربة تاريخية واجتماعية وسيكولوجية وحقوقية للمسألة، وتضمن مقابلات مع أساتذة في التاريخ وعلم النفس الإجتماعي وقانونيين، الذين أوضح بعضهم كيف قاد القانون إلى تجريد الجزائريين من أملاكهم، بعد تغيير ألقابهم مما استحال عليهم إثبات ملكية الأراضي، إلى جانب سعي الاستعمار إلى إحداث قطيعة بين الجزائريين وأصولهم التاريخية.

المساهمون