بدأت الباحثة نسمة سيف الإسلام سعد في نهاية 2010 وبداية 2011 بإجراء دراسة حول تاريخ الأوبئة في مصر في القرن العشرين، وتزامن قيامها بالبحث مع انتهاء اجتياح انفلونزا الطيور والخنازير لمصر، حيث كانت تعد رسالة الماجستير في التاريخ من جامعة القاهرة، وانتهت منها عام 2014.
الدراسة صدرت مؤخراً في كتاب تحت عنوان "الأوبئة والأمراض في المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين"، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويأتي في خمسة فصول وخاتمة، في الأول تتناول العوامل التي أدت إلى انتشار الأوبئة، والثانية عن أنواع الأوبئة وأبعاد انتشارها وضحاياها، والثالث يتطرق إلى الإدارة والمشكلات الصحية، والرابع حول موقف الصحافة والبرلمان من المشكلات الصحية، وفي الخامس تناقش المشاركة الاجتماعية في مكافحة الأوبئة.
المراجع التي استندت إليها الباحثة كما تقول في حديث إلى "العربي الجديد"، تنقسم إلى شقين الأول من خلال الدوريات والصحافة بمختلف توجهاتها التي صدرت خلال فترة الدراسة ما بين 1902 -1947، بالإضافة إلى مراجع عربية وأجنبية من "دار الوثائق القومية" والمراجع المتخصصة طبية وتاريخية والاستعانة بكتب ومراجع من علم الاجتماع الطبي والإحصائي وعلم اجتماع الأوبئة.
وتشير الباحثة إلى أن الدراسة انقسمت إلى جزئين؛ الأول يتناول الكيفية التي تتعامل بها الطبقات الفقيرة مع الأوبئة، والسلوك الاجتماعي والتكافل في هذه الطبقة لمواجهة الجائحة، وتضيف سيف أنها لم تغفل كيف تعاملت الإدارة المصرية مع انتشار الوباء في تلك الفترة وطرق العلاج.
تقول سعد إن أهم ما في الدراسة من وجهة نظرها هو الفصل الخامس منها؛ حيث تتناول فيه جهود المجتمع المدني بكل أنواعها؛ جمعيات أهلية أو مشاركات فردية، وكيف كان المصريون بتبرعات قليلة جداً كان المجتمع ينقذ بعضه بعض، وتتابع بأن الوثائق تلفت إلى أن التبرعات بدأت من قرش وكان يتبرع بها العمال والصنايعية وانتهاء بتبرعات أسرة محمد علي التي كانت مبالغ طائلة.
كتب مقدمة الكتاب الأكاديمي إسماعيل محمد زين الدين أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب في جامعة القاهرة، ويقول في المقدمة: "المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين يعتبر أوضح نموذج على مدى تأثير مشكلة الأوبئة والأمراض على كافة نواحي الحياة فيه في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية الغالبية العظمى منه وانتشار الأمية، مما أدى إلى اكتمال ما عرف باسم ثالوث الفقر والجهل والمرض".