"الأبجديات الثلاث": من الكتابة إلى ثورة المعلومات

22 ديسمبر 2016
نجا المهداوي/ تونس
+ الخط -

لا تزال أصل الأبجدية وتأسيسها وارتباطها بالاستقرار والترحال وأنماط الإنتاج تخضع لفرضيات بحثية متعدّدة تفضي كل منها إلى خلاصات متباينة، حيث تفرّدت كل واحدة من الحضارات القديمة بإسهام مختلف يتعلّق باستخدام اللغة نطقاً وكتابةً، ما يجعل من المستحيل وضع تسلسل محدّد لنشوء اللغات.

تعمل الباحثة الفرنسية كلاريس هيرنشميت منذ سنوات على الأنظمة الكتابية التي سمحت ببقاء وتطوّر الحضارات القديمة، وعلاقتها بالكتابة المسمارية، وقدّمت شروحات وتحليلاً وصفياً دقيقاً لأنساق الكتابة ذات الرموز والجداول المقطعية المشتركة في تدوين اللغات.

ضمن "مشروع نقل المعارف" في البحرين، صدرت مؤخّراً ترجمة كتاب "الأبجديات الثلاث: اللغة والعدد والرمز"، لـ هيرنشميت الذي نقله من الفرنسية المترجم السوري جمال شحيد.

يُفصّل الكتاب نشأة الأبجديات الثلاث وما طرأ عليها من تحوّلات في مجموعةٍ من الفصول الموزّعة على ثلاثة أقسام؛ الأول: طريق الكتابة، طرق التفكير، الكتابة والسياق النفسي. والثاني: الكتابة الحسابية للنقود، والثالث: الكتابة المعلوماتية والشبكية.

يقارب القسم الأول طرق تدوين اللغات الممتدّة من الشرق الأوسط إلى الحوض الشرقي من البحر المتوسط، ومن الشرق الأدنى إلى بحر إيجه كالسومرية والأكادية، وأبجدية الحروف الساكنة، والأبجدية الإغريقية والمسمارية.

أما القسم الثاني فخُصّص للغة الأرقام وكتابة النقود وحساباتها وتاريخها، إضافة إلى العلاقة بين المعدن والفئات النقدية بقيمها المختلفة، كما يشرح هذا القسم الأسطورة التي رواها هيرودوتوس حول النقد المسكوك ويحاول تفسير الصور الهندسية المطبوعة على ظهر النقود اليونانية.

يناقش القسم الثالث اللغة أو الأبجدية الأكثر تداولاً في عصرنا الحالي؛ الأبجدية المعلوماتية، التي تعد ثورةً في التاريخ المعاصر، إلاّ أن التحضير لها بدأ منذ خمسة آلاف سنةٍ على الأقل، إذ توقّفت المؤلّفة عند جمالية اللغة الرقمية وتسهيلاتها الهائلة في الكتابة، وقارنت بين الذكاء البشري والذكاء المعلوماتي وفق منظور لغوي.

دلالات
المساهمون