أسئلة المفقودين في الحروب العراقية المتنوّعة مطروحة في انتباه سينمائي عراقي لحيويتها وأهميتها، يتمثّل (الانتباه) بفيلم "ابن بابل" (2009) لمحمد الدراجي، الذي يُعرض في الساعة 5:30 بعد ظهر اليوم الاثنين، 6 أغسطس/ آب 2018، في "مترو المدينة" في بيروت. أسئلة تتشابه وتلك المطروحة في لبنان، منذ النهاية المزعومة للحرب الأهلية اللبنانية مطلع تسعينيات القرن المنصرم. فالحروب المعلّقة أخطر من أن تتيح العثور على أجوبة، والسلم الناقص والهشّ سببٌ لتغييب أسئلة كثيرة معلّقة وملتبسة.
محمد الدراجي يختار عام 2003 زمنًا لحكاية مراهقٍ يفقد أباه في "حرب الخليج الأولى" (1991). بعد 3 أسابيع على سقوط صدام حسين، تبدأ رحلة أحمد الكرديّ وجدّته، التي يصلها خبرٌ مفاده أن أسرى تلك الحرب ربما يكونون "أحياء" في مدنٍ جنوبية. لكن الرحلة تتجاوز الجغرافيا (من جبال الشمال العراقي إلى بابل)، كي تكشف شيئًا من أحوال بلدٍ مضطرب، وأناسٍ تائهين، وارتباكات تُصيب اجتماعًا وعلاقاتٍ وتفاصيل، وحالات هلع وقلق وتمزّقات تؤذي عصب البلد ومسام الروح البشرية المنتقلة من حربٍ إلى أخرى، أو من بطش حاكم إلى احتلال أجنبيّ.
يقول الدراجي إن فكرة فيلمه هذا متأتية من استماعه ـ أثناء اشتغاله على فيلمه الأول "أحلام بغداد" ـ إلى خبرٍ مبثوثٍ عبر إحدى الإذاعات يؤكّد العثور على "مقابر جماعية بالقرب من بابل". يُضيف أن أول مجموعة من تلك المقابر تحتوي على نحو 400 ألف جثة: "لم تنجُ أسرة واحدة من أثر هذا الحادث الشنيع". يتذكّر الدراجي، حينها، ابن عمّه المفقود منذ 15 عامًا أثناء "حرب الخليج". لذا، أراد تحقيق فيلمٍ يربط بين جيلين عراقيين اثنين، أحدهما بالآخر: جيل قديم غارق في المعاناة، وجيل جديد يحمل أملاً بالمستقبل. يقول: "دافعي أن أجد نوعًا من السلام وسط ما عانته عائلة عمّي، خصوصًا عمّتي. أمٌ تبحث عن ابنها الضائع، وابن في رحلة بحثٍ عن نفسه وعن والده، وهما تائهان في الصحراء بفعل عقود من الحرب والاحتلال".