فرضت الظروف المفاجئة لانتشار فيروس كورونا المستجد التي دخل فيها العالم بأجمعه منذ بداية العام الجاري على الناس التحوّل بشكل شبه تام إلى الحياة الافتراضية وقضاء حاجاتهم اليومية عبر الإنترنت، وتبدو علاقة البشر اليوم على اختلاف أجيالهم وطيدة أكثر من أي وقت مضى مع مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية على اختلاف خدماتها.
في هذا السياق، أطلقت "دارة الفنون" في عمّان، مشروعاً يتأمل في علاقة الفنان المعاصر اليوم بالعالم الرقمي، إذ يتيح مشروع "إنترنت الأشياء: عالم آخر ممكن" مساحة للتساؤل والبحث الجماعي، من الحجر وبواسطته، حيث يتنقل المشروع بحسب بيان الدارة، بين الأونلاين والأوفلاين، ليكون عابراً للمؤقت.
يتكشّف الجزء الأول من المشروع من خلال إقامة فنية وأنشطة منقولة عبر تقنيات البث الحي تستجيب لحالة الهشاشة العالمية التي نشهدها في هذه اللحظة، ومن خلاله توجه دعوة إلى التّأمل كل من موقعها خلف الشاشات.
يسعى المشروع إلى تفكيك الأزمة والبنى الاجتماعية والفضاء السّيبراني و"الميمز" والقلق والتكنولوجيا والجغرافيا وسياسات الجسد؛ من البث الحي إلى التغذية الإخبارية، ومن الوسيط وسَخَطه إلى حالة الطوارىء.
يشارك في المشروع كل من: تمارا نصار، وأريج حنيطي، وأحمد عصام الدين، وجرى إطلاقه بأداء صوتي للفنان "عاصفة"، وهو منتج موسيقي ورابر ومبرمج مقيم بين فيينا ورام الله.
حتى الآن تعرض شاشة المشروع عدة أيقونات، نجد كتاب "Simulacra and Simulation" لجان بودريار بنسخته الإنكليزية وهو عمل تنظيري وضعها المفكّر الفرنسي عام 1981، سعى من خلالها إلى دراسة العلاقات بين الواقع والرموز والمجتمع، ولا سيما دلالات ورمزية الثقافة ووسائل الإعلام المشاركة في بناء فهم مشترك الوجود.
نجد أيضاً أيقونة أريج الحنيطي وفيها عمل بعنوان "ربيع صامت" يتضمّن نصاً وعملي فيديو، وأيقونة أخرى لعمل فيديو آرت لأحمد عصام الدين، أما أيقونة تمارا ناصر فتحتوي عملاً بعنوان "غائب على الأريكة" نص مع فيديو.
الشاشة تبرز أيضاً أيقونة مخصصة لفيروس كورونا، تحولك حين تفتحها إلى موقع "جون هوبكنز" لمتابعة آخر إحصائيات انتشار الفيروس. وثمة قناة للمشروع على يوتيوب فيها عدة تسجيلات ومقاطع محاضرات وأعمال فنية وغيرها.
اللافت أن كل شيء على هذا المشروع، عدا البيان الرسمي له، مكتوب باللغة الإنكليزية لذلك ورغم أن الفنانين عرب والموقع عربي والدارة في بلد عربي، لكن من لا يستطيع قراءة الإنكليزية بشكل جيد لن يتمكن من الإحاطة بما يقدمه الفنانون فعلاً فمعظم الأعمال تعتمد على النصوص المرافقة معها.
حتى كتاب بودريار الذي يبدو أنه أساسي في تقديم فكرة المشروع متوفر فقط بالإنكليزية وكان ينبغي على الأقل كتابة ملخص عن فكرته لكي يتمكن من لا يستطيع قراءة عمل فلسفي بلغة أجنبية من فهم علاقته بالأعمال المعروضة ككل، ولكن على ما يبدو أن المشروع مخصص لمن يتقنون بالإنكليزية فقط!