كسائر الشباب الأوغندي في مثل عمره، ظل "نورمان توموهيمبيس"، ذو الـ26 ربيعاً، عاطلاً من العمل بعدما أنهى دراسته الجامعية في كلية الحقوق. وهو حالياً قيد الحبس الاحتياطي في سجن "لوزيرا" في العاصمة الأوغندية كمبالا، على ذمة تحقيقات جارية معه على خلفية التظاهر ضد المظالم المستمرة، وخصوصاً زيادة بطالة الشباب.
"توموهيمبيس" هو عضو قيادي في جماعة "إخوان عاطلون" التي تضم مجموعة من المتخرجين الذين فشلوا في الحصول على فرص عمل بعد الانتهاء من سنوات التعليم.
وقال "توموهيمبيس" خلال أحدث جلسات محاكمته: "هذه المنظمة توحدنا معاً كشباب عاطلين من العمل، ولدينا عوامل مشتركة، ومشاكل مشتركة، نحن متخرجون ولدينا مهارات".
وليس من الواضح كم عدد الأعضاء الذين ينتمون لجماعة الإخوان العاطلين، غير أنه وفقاً لمكتب أوغندا للإحصائيات، يشكل الشباب في الفئة العمرية بين (18و30 عاماً)، حوالى 83 في المئة من السكان، و62 في المئة منهم عاطلون من العمل.
"توموهيمبيس" الذي بقي بلا عمل منذ حصوله على شهادة القانون عام 2009، أضاف بنبرة صوت لا تخلو من مرارة: "طوال كل تلك الفترة، بذلت قصارى جهدي للبحث عن عمل، من دون جدوى، ولا حتى ككاتب في إحدى المحاكم".
وأدرك أعضاء جماعة "إخوان عاطلون" أنه لا توجد وظائف مكتبية بانتظارهم، وحثوا زملاءهم الشباب على أن يكتسبوا مهارات متعددة.
ومضى "توموهيمبيس" بالقول متسائلاً: "إذا كان شخص ما يُعِدُّ شاباتي (أحد أنواع الخبز) في الشوارع، فلماذا تأتي سلطات العاصمة كمبالا وتقبض عليهم؟". وتابع معرباً عن غضبه: "أنا لا أطلب أن أكون وزيراً".
وفي أبريل/ نيسان عام 2013 خصّصت الحكومة الأوغندية 265 مليار شلن أوغندي (حوالى 10 ملايين دولار) لمساعدة الشباب الفقراء والعاطلين في أنحاء البلاد، في إطار برنامج جديد أطلق عليه اسم برنامج "إعالة الشباب".
ويستهدف البرنامج، الذي يستمر لفترة 5 سنوات، فئة الشباب العاطلين من العمل، ولاسيما المتسربين من المدارس الذين تتراوح أعمارهم بين 18و30 عاماً.
وعندما حاول "توموهيمبيس" الحصول على هذه الأموال المخصصة للمساعدات؛ أدرك أن إجمالي ما تمنحه الحكومة للفرد لا يتجاوز 600 الف شلن (نحو 330 دولاراً).
ومضى بالقول: "عندما جلس الرئيس ورفاقه وقالوا: نحن قدمنا المليارات، تسمع ذلك، وتقول: أود أن أحصل على أحد هذه المليارات".
يشار إلى أنه بعد ظهر يوم ثلاثاء حار، في 18 يونيو/ حزيران الماضي، عندما كان نواب في البرلمان يقودون سياراتهم الفاخرة، بينما تقل سيارات خاصة نواباً آخرين قبيل انعقاد جلسة عامة في البرلمان، غافل اثنان من الشباب أفراد الأمن، واقتادا اثنين من صغار الخنازير إلى المؤسسة التشريعية.
وصبغ الشابان الخنزيرين باللون الأصفر، الذي يرمز لحزب "حركة المقاومة الوطنية" الذي يتهمونه بزيادة الفساد والتسبب في بطالة الشباب والاستغلال من بين اتهامات أخرى، وكانت تلك هي الطريقة التي أظهروا بها غضبهم وعبروا عن استيائهم إزاء النواب.
وتابع "توموهيمبيس": "إنهم (النواب) يسمون أنفسهم وطنيين ويمثلوننا، ولكنهم في الحقيقة جشعون ومجموعة من الانتهازيين"، على حد وصفه.
ويواجه "توموهيمبيس" في الوقت الراهن اتهامات بـ"مقاطعة جلسات البرلمان، والتآمر لارتكاب جريمة" وربما يواجه عقوبة السجن.
وفي 4 أغسطس/ آب الجاري، غافل أكثر من 10 أعضاء من جماعة "إخوان عاطلون" أفراد الأمن الذين يؤدون خدمتهم في " الساحة الدستورية" (أحد الميادين الرئيسية في العاصمة)، وحملوا نعشاً إلى نصب الاستقلال في الميدان، ونظموا وقفات احتجاجية.
وكانت الحكومة قد أغلقت "الساحة الدستورية" منذ احتجاجات "امشي للعمل" في أبريل/ نيسان عام 2012، وفي الوقت الراهن، لا يسمح للناس بالمرور من خلالها، وسط انتشار كثيف لرجال الأمن وعبوات الغاز المسيل للدموع وحواجز من الأسلاك الشائكة.
وفي واقعة أخرى، حمل أعضاء جماعة "إخوان عاطلون" في أحد الاحتجاجات، لافتة كتبوا عليها: "نحن نعلن الحداد على بلادنا بسبب الفساد والبطالة وهجرة الشباب".
وعقب هذه الحادثة الأخيرة بمفردها اتهم "توموهيمبيس" برفقة 9 آخرين، بتنظيم تجمع غير قانوني، وحال إدانتهم سيواجهون عقوبة تصل إلى السجن لعام واحد.
ومن المقرر أن تستأنف جلسات محاكمة هذه المجموعة يوم 21 أغسطس/ آب الجاري لمعرفة مصيرهم (في جلسة النطق بالحكم).
بدورها، قالت "زيريداه كاكاي" وهي إحدى عضوات جماعة "إخوان عاطلون"، إنهم سيواصلون تحديهم حتى في ظل بقاء قادتهم وراء القضبان. وأضافت "هذه المعركة ليست معركة أشخاص، وإنما هي قضية الشباب".
وأشارت "كاكاي" إلى أن الحكومة لم تف بالتزاماتها تجاه الشعب في مجالات الرعاية الصحية وبطالة الشباب، وتابعت: "هذه المشاكل هي مصدر إلهام لنا، ولا يهم إذا ما اعتقلوا المزيد منا، فهناك الكثير من الشباب العاطلين من العمل".