بعد أشهرٍ قليلة على انكشاف فضيحة المنتج الأميركي هارفي وينستن (التحرّش الجنسي)، والتداعيات المتنوّعة المنبعثة منها في هوليوود وأرجاء العالم، التقى عاملون في صناعة السينما الأميركية والأجنبية، بدءًا من الساعة الخامسة من بعد ظهر الأحد، 4 مارس/ آذار 2018 (بتوقيت لوس أنجليس)، في "مسرح دولبي"، للمشاركة في حفلة "أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها"، لتوزيع جوائز "أوسكار"، في نسختها الـ90.
ربما لهذا السبب، لم تخلُ الحفلة من رسائل واضحة ضد التحرّش والعنف الجنسيين، بالإضافة إلى إعادة التذكير بالسياسات الخاطئة والخطرة لإدارة الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترامب، خصوصًا في مسألة الهجرة والمهاجرين. فالحفلة هذه حيّز دائم لإطلاق مواقف خارج إطار السينما، ومنبرٌ لأقوالٍ تعكس التزاماتٍ ـ أخلاقية وإنسانية غالبًا ـ لسينمائيين منشغلين بهموم الفن السابع، وقضايا أميركا والعالم.
أما المسائل الأخرى، المتعلّقة بالاستعراض والأضواء والنجومية، والخطابات الطويلة والكثيرة، والحضور الكثيف لوسائل الإعلام، التي ينقل بعضها، مباشرة على الهواء، وقائع الحفلة الـ90 لجوائز "أوسكار"، فظلّت كما هي، بحيويتها وصخبها، وأفراح فائزين وخيبات خاسرين. وإذْ يعتبر بعض الخاسرين أن "بلوغ الترشيحات الرسمية" فوزٌ بحدّ ذاته، إلاّ أن الرغبة جامحة في نيل أحد تلك التماثيل، التي بدأ جيمي كيمِل ـ مُقدِّم الحفلة ـ بالتعليق الكوميدي الساخر على الشكل المعتمد للتمثال، قبل أن يُكمِل مهمّته، لمرة ثانية على التوالي، بعد احتفال العام الفائت.
وكعادتها منذ سنين طويلة، تؤدّي النتائج النهائية إلى نقاشٍ يبدأ بانفعالٍ، وينتقل ـ لاحقًا ـ إلى قراءاتٍ، يتمتّع كثيرون بممارستها عبر مقارنات بين فائزين وخاسرين. وكعادتها منذ أعوام عديدة، تتحوّل وسائل التواصل الاجتماعي إلى حلبة واسعة، تنشر الأخبار مباشرة فور إعلانها، وتنفتح على تعليقات ساخرة، لن يكون بعضها أقلّ سخرية وإضحاكًا من تلك التي يُطلقها جيمي كيمِل نفسه.
لكن، هل يُمكن القول إن الحفلة الـ90 مثيرة لمفاجآت على مستوى النتائج؟ أو أن توقّعاتٍ عديدة متحوّلةٌ إلى وقائع حسّية؟
بعيدًا عن جدلٍ غير مُفيد كهذا، رغم أن كثيرين يرفضون فوز أفلامٍ على حساب أفلامٍ أخرى، يرونها جديرة بالجوائز، تبقى حفلة الـ"أوسكار" إحدى أكثر المحطّات السينمائية انتظارًا ومتابعة، في أنحاء مختلفة من العالم. ورغم ثنائية الفوز والخسارة، تبقى الأفلام حاضرةً في المشهد الدولي، بصرف النظر عن تعليقاتٍ وقراءاتٍ وسجالاتٍ، علمًا أن هناك من يعتبر الأفلام المُرشَّحة للجوائز، في هذه النسخة، أقلّ أهمية بكثيرٍ من أفلام نسخ سابقة.
اقــرأ أيضاً
بدايةً، يُمكن التوقّف عند بعض الأرقام القليلة. فمن أصل 13 ترشيحًا رسميًا لـ "شكل الماء" (The Shape Of Water) للمكسيكي غييرمو دِلْ تورو، حصل الفيلم على 4 جوائز فقط، بينها اثنتان في فئتي أفضل فيلم (الإنتاج) لدِلْ تورو وجي. مايلز دايل، وأفضل إخراج؛ بالإضافة إلى فئتي أفضل ديكور وإدارة فنية لبول دِنهام أوستربيري وشاين فييو وجف ملفن، وأفضل موسيقى لألكسندر ديبلات؛ بينما نال "دنكيرك" (Dunkirk) لكريستوفر نولان 3 جوائز من أصل 8 ترشيحات: أفضل مونتاج (لي سميث) وأفضل مونتاج صوت (ريتشارد كينغ وألكس غيبسون) وأفضل ميكساج صوت (مارك وينغارتن وغريغ لاندايكر وغاري آي. ريزّو).
والمفارقة كامنةٌ في أن فوز "شكل الماء" يأتي بعد 14 عامًا على فوز الحلقة الـ3 من ثلاثية "سيّد الخواتم"، وهي بعنوان "عودة الملك" (2003) لبيتر جاكسون، بـ"أوسكار" أفضل فيلم (بالإضافة إلى جائزة أفضل إخراج). ذلك أن الفيلمين منتميان إلى نوع "الفانتازيا"، الذي يبقى ـ كأفلام الخيال العلمي مثلاً ـ أكثر الأنواع السينمائية فوزًا بجوائز تقنية وفنية مختلفة.
أما الأفلام الفائزة بجائزتين اثنتين فقط، فهي: "3 لوحات خارج إيبينغ، ميسوري" (Three Billboards Outside Ebbing, Missouri) لمارتن ماكدوناه (7 ترشيحات)، و"أسوأ الحالات" (أو "الساعة الحالكة"، Darkest Hour) لجو رايت (6)، و"بلايد رانر 2049" (Blade Runner 2049) لدوني فيلنوف (5)، و"كوكو" للثنائي لي أونكريتش وأدريان مولينا (2). بهذا المعنى، يكون فيلم التحريك "كوكو" (إنتاج "بيكسار" و"ديزني") "الفائز الأكبر"، إذْ حصل على جائزتين من أصل ترشيحين، في فئتي أفضل فيلم تحريك، وأفضل أغنية أصلية، بعنوان "تذكّرني" (كتابة وتلحين كريستن أندرسن ـ لوبيز وروبرت لوبيز).
جائزتا "3 لوحات" موزّعتان على فئتي أفضل ممثلة لفرنسيس ماكدورماند، وأفضل ممثل في دور ثان لسام روكويل، الذي تنافس على الجائزة في الفئة نفسها مع زميله وودي هارلسون، في الفيلم ذاته. وجائزتا "الساعة الحالكة" ممنوحتان لغاري أولدمان في فئة أفضل ممثل، وللثلاثي كازوهيرو تسوجي وديفيد مالينوفسكي ولوسي سيبيك، في فئة أفضل ماكياج. أما جائزتا "بلايد رانر 2049" فكانتا من نصيب روجر ديكنز في فئة أفضل تصوير سينمائي، ولكلٍّ من جون نلسن وغيرد نفْزر وبول لامبرت وريتشارد ر. هوفر، في فئة أفضل المؤثّرات البصرية.
إلى ذلك، نالت أليسون جاناي جائزتها في فئة أفضل ممثلة في دور ثان، عن دورها في "أنا، تونيا" لكريغ غيلَّسبي، وهي الجائزة الأولى لها في مسيرتها الفنية، تمامًا كالممثل سام روكويل، وكمدير التصوير روجر ديكنز (وغيرهم القليل).
من ناحية أخرى، مُنحت جائزة أفضل سيناريو أصلي لجوردان بيل عن فيلم Get Out الذي أخرجه أيضًا؛ وأفضل سيناريو مقتبس لجيمس إيفوري ولوكا غوادانينو، عن Call Me By Your Name لغوادانينو (عن رواية بالعنوان نفسه لأندره أسيمان)؛ وأفضل أزياء لمارك بريدجز، عن عمله في "الخيوط الوهمية" لبول توماس أندرسن؛ وأفضل فيلم وثائقي لـ Icarus لبراين فوغِل ودان كوغان؛ وأفضل فيلم روائي قصير لـ "الولد الصامت" لكريس أوفرتون وراشيل شنتن؛ وأفضل تحريك قصير لـ "عزيزتي كرة السلّة" لغلن كين وكوبي براينت؛ وأفضل وثائقي قصير لـ Heaven Is A Traffic Jam On The 405 لفرانك ستيفل.
وفي فئة أفضل فيلم أجنبي، فاز "امرأة رائعة" (تشيلي) لسيباستيان ليلْيو. ومنحت "أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها" 4 جوائز تكريمية لكلّ من الأميركيين الممثل تشارلز بورنيت ومدير التصوير أووين رويزمان، والممثل الكندي دونالد ساثرلاند، والمخرجة والفنانة الفرنسية أنياس فاردا.
أما المسائل الأخرى، المتعلّقة بالاستعراض والأضواء والنجومية، والخطابات الطويلة والكثيرة، والحضور الكثيف لوسائل الإعلام، التي ينقل بعضها، مباشرة على الهواء، وقائع الحفلة الـ90 لجوائز "أوسكار"، فظلّت كما هي، بحيويتها وصخبها، وأفراح فائزين وخيبات خاسرين. وإذْ يعتبر بعض الخاسرين أن "بلوغ الترشيحات الرسمية" فوزٌ بحدّ ذاته، إلاّ أن الرغبة جامحة في نيل أحد تلك التماثيل، التي بدأ جيمي كيمِل ـ مُقدِّم الحفلة ـ بالتعليق الكوميدي الساخر على الشكل المعتمد للتمثال، قبل أن يُكمِل مهمّته، لمرة ثانية على التوالي، بعد احتفال العام الفائت.
وكعادتها منذ سنين طويلة، تؤدّي النتائج النهائية إلى نقاشٍ يبدأ بانفعالٍ، وينتقل ـ لاحقًا ـ إلى قراءاتٍ، يتمتّع كثيرون بممارستها عبر مقارنات بين فائزين وخاسرين. وكعادتها منذ أعوام عديدة، تتحوّل وسائل التواصل الاجتماعي إلى حلبة واسعة، تنشر الأخبار مباشرة فور إعلانها، وتنفتح على تعليقات ساخرة، لن يكون بعضها أقلّ سخرية وإضحاكًا من تلك التي يُطلقها جيمي كيمِل نفسه.
لكن، هل يُمكن القول إن الحفلة الـ90 مثيرة لمفاجآت على مستوى النتائج؟ أو أن توقّعاتٍ عديدة متحوّلةٌ إلى وقائع حسّية؟
بعيدًا عن جدلٍ غير مُفيد كهذا، رغم أن كثيرين يرفضون فوز أفلامٍ على حساب أفلامٍ أخرى، يرونها جديرة بالجوائز، تبقى حفلة الـ"أوسكار" إحدى أكثر المحطّات السينمائية انتظارًا ومتابعة، في أنحاء مختلفة من العالم. ورغم ثنائية الفوز والخسارة، تبقى الأفلام حاضرةً في المشهد الدولي، بصرف النظر عن تعليقاتٍ وقراءاتٍ وسجالاتٍ، علمًا أن هناك من يعتبر الأفلام المُرشَّحة للجوائز، في هذه النسخة، أقلّ أهمية بكثيرٍ من أفلام نسخ سابقة.
والمفارقة كامنةٌ في أن فوز "شكل الماء" يأتي بعد 14 عامًا على فوز الحلقة الـ3 من ثلاثية "سيّد الخواتم"، وهي بعنوان "عودة الملك" (2003) لبيتر جاكسون، بـ"أوسكار" أفضل فيلم (بالإضافة إلى جائزة أفضل إخراج). ذلك أن الفيلمين منتميان إلى نوع "الفانتازيا"، الذي يبقى ـ كأفلام الخيال العلمي مثلاً ـ أكثر الأنواع السينمائية فوزًا بجوائز تقنية وفنية مختلفة.
أما الأفلام الفائزة بجائزتين اثنتين فقط، فهي: "3 لوحات خارج إيبينغ، ميسوري" (Three Billboards Outside Ebbing, Missouri) لمارتن ماكدوناه (7 ترشيحات)، و"أسوأ الحالات" (أو "الساعة الحالكة"، Darkest Hour) لجو رايت (6)، و"بلايد رانر 2049" (Blade Runner 2049) لدوني فيلنوف (5)، و"كوكو" للثنائي لي أونكريتش وأدريان مولينا (2). بهذا المعنى، يكون فيلم التحريك "كوكو" (إنتاج "بيكسار" و"ديزني") "الفائز الأكبر"، إذْ حصل على جائزتين من أصل ترشيحين، في فئتي أفضل فيلم تحريك، وأفضل أغنية أصلية، بعنوان "تذكّرني" (كتابة وتلحين كريستن أندرسن ـ لوبيز وروبرت لوبيز).
جائزتا "3 لوحات" موزّعتان على فئتي أفضل ممثلة لفرنسيس ماكدورماند، وأفضل ممثل في دور ثان لسام روكويل، الذي تنافس على الجائزة في الفئة نفسها مع زميله وودي هارلسون، في الفيلم ذاته. وجائزتا "الساعة الحالكة" ممنوحتان لغاري أولدمان في فئة أفضل ممثل، وللثلاثي كازوهيرو تسوجي وديفيد مالينوفسكي ولوسي سيبيك، في فئة أفضل ماكياج. أما جائزتا "بلايد رانر 2049" فكانتا من نصيب روجر ديكنز في فئة أفضل تصوير سينمائي، ولكلٍّ من جون نلسن وغيرد نفْزر وبول لامبرت وريتشارد ر. هوفر، في فئة أفضل المؤثّرات البصرية.
إلى ذلك، نالت أليسون جاناي جائزتها في فئة أفضل ممثلة في دور ثان، عن دورها في "أنا، تونيا" لكريغ غيلَّسبي، وهي الجائزة الأولى لها في مسيرتها الفنية، تمامًا كالممثل سام روكويل، وكمدير التصوير روجر ديكنز (وغيرهم القليل).
من ناحية أخرى، مُنحت جائزة أفضل سيناريو أصلي لجوردان بيل عن فيلم Get Out الذي أخرجه أيضًا؛ وأفضل سيناريو مقتبس لجيمس إيفوري ولوكا غوادانينو، عن Call Me By Your Name لغوادانينو (عن رواية بالعنوان نفسه لأندره أسيمان)؛ وأفضل أزياء لمارك بريدجز، عن عمله في "الخيوط الوهمية" لبول توماس أندرسن؛ وأفضل فيلم وثائقي لـ Icarus لبراين فوغِل ودان كوغان؛ وأفضل فيلم روائي قصير لـ "الولد الصامت" لكريس أوفرتون وراشيل شنتن؛ وأفضل تحريك قصير لـ "عزيزتي كرة السلّة" لغلن كين وكوبي براينت؛ وأفضل وثائقي قصير لـ Heaven Is A Traffic Jam On The 405 لفرانك ستيفل.
وفي فئة أفضل فيلم أجنبي، فاز "امرأة رائعة" (تشيلي) لسيباستيان ليلْيو. ومنحت "أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها" 4 جوائز تكريمية لكلّ من الأميركيين الممثل تشارلز بورنيت ومدير التصوير أووين رويزمان، والممثل الكندي دونالد ساثرلاند، والمخرجة والفنانة الفرنسية أنياس فاردا.