"أوراق بنما"..الأردن يحقق في جرائم التهرب

09 ابريل 2016
داخل مقر البورصة الأردنية في عمان (Getty)
+ الخط -



رجح مسؤولون أردنيون أن تفتح بلادهم تحقيقا في المعلومات التي وردت في ما كشفت عنه "أورق بنما" من ارتكاب متنفذين أردنيين ممارسات اقتصادية غير مشروعة من خلال إنشاء شركات في الخارج لإدارة مصالحهم.

وقال مسؤول حكومي بارز إن جهة سيادية في المملكة قامت بسحب بعض وثائق "بنما"، للتدقيق في المعلومات التي تخص الأردن، بهدف الوقوف على مدى صحة المعلومات.
وأضاف المسؤول، الذي طلب من "العربي الجديد" عدم نشر اسمه، أن الجهات المختصة تبذل قصارى جهودها للحد من عمليات التهرب الضريبي، والتي لا يمكن حصرها بحكم عدم معرفة الأشخاص والشركات التي تتهرب من دفع التزاماتها الضريبية.

وكانت الوثائق المسربة قد ذكرت أن رئيس الوزراء الأردني الأسبق، علي أبو الراغب، أصبح هو وزوجته، في يوليو/ تموز 2003، أي قبل أشهر من استقالته من منصبه كرئيس للوزراء، رئيسين لشركة "Jaar" الاستثمارية في جزر العذراء البريطانية، والتي كان لها حساب مع البنك العربي في سويسرا، وتم وقف أعمالها في أغسطس/ آب من العام ذاته، وكان أبو الراغب وزوجته قد ترأسا شركة "JAY" للاستثمارات القابضة، ومقرها أيضا في جزر العذراء البريطانية مطلع عام 2008.


لكن أبوالراغب ذكر في تصريح لموقع "سي إن إن"، أن الشركتين اللتين وردتا ضمن أوراق بنما، لم تتخللهما مخالفات من أي نوع، وأنهما سجلتا وفقا للقوانين والأنظمة.

وجاء في الوثائق أنه "لم يتم التعرف على طبيعة أنشطة الشركتين،" لكنها أوضحت أن أبوالراغب، تملك في عام 2014، ثلاث شركات في جزر سيشيل، وأصبح أبناؤه في وقت لاحق مدراء لعدد من الشركات في جزر العذراء البريطانية، بما فيها شركة ديزرت ستار، التي تمتلك أيضا حساباً في البنك العربي في سويسرا، وكانت تقوم بالاستثمار داخل الأردن.

وقال مسؤول آخر في هيئة مكافحة الفساد الأردنية، لـ "العربي الجديد"، إن الهيئة تابعت المعلومات التي تم نشرها حول أوراق بنما، وإن تحركا واضحا سيتم بهذا الخصوص ومتابعة ما جاء فيها من معلومات، دون أن يشير إلى طبيعة الإجراءات وآلية التعامل معها.

وطالب برلمانيون في الأردن، بأخذ ما ورد في الأوراق، على محمل الجد، أسوة ببعض البلدان والمبادرة إلى التحقيق في المعلومات التي وردت في تلك الوثائق، والتي تخص أفراداً وشركات وبنوكاً.

وقال رئيس اللجنة المالية في البرلمان، عبد الرحيم البقاعي، لـ "العربي الجديد"، إن التهرب الضريبي من أكثر الملفات التي يعاني منها الاقتصاد الأردني، حيث يقدر حجم التهرب بمئات ملايين الدولارات سنويا، ولا يُعرف، على الأغلب، الأشخاص والجهات التي تتهرب من دفع تلك المستحقات.
وتقدر أرقام رسمية، صدرت سابقا، حجم التهرب الضريبي بحوالى مليار دولار سنوياً، وأن الرقم يرتفع لأكثر من ذلك خاصة مع اتساع حجم الاقتصاد غير المنظم.

وبيّن البقاعي أن وثائق بنما، التي يتداولها العالم على نطاق واسع حاليا، يجب التعامل معها بجدية، كونها كشفت عن اختلالات وممارسات مالية غير شرعية بأحجام كبيرة، وتحديدا في ما يتعلق بعمليات التهرب الضريبي والشركات الوهمية وغيرها.

وقال إن البرلمان طلب مؤخرا من الحكومة فتح ملفات التهرب الضريبي ومعالجة الاختلالات، خاصة أن معلومات شبه مؤكدة تشير إلى وجود حوالى 29 ألف شركة في الأردن قديمة ويترتب عليها ضرائب، رغم أنها لم تعد قائمة ولا تعمل محليا.

وأضاف أن تحديد المصير، الذي آلت إليه هذه الشركات مهم، حتى يتم تحديد حجم التهرب الضريبي بشكل أفضل، مشيرا إلى أن هناك شركات قائمة في الأردن مسجلة بأسماء أشخاص متوفين منذ فترة طويلة.

واعتبر الخبير الاقتصادي، حسام عايش، أن بعض التهرب الضريبي يقوم به متنفذون في الدولة، من خلال شركات وهمية لها طابع دولي، إضافة إلى لجوء البعض للأماكن التي تعتبر ملاذات آمنة من الضرائب، فضلا عن أن تلك الأماكن تمنح سرية للحسابات المصرفية ولا تدقق في مصادر الأموال ومدى مشروعيتها.

وأظهرت دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني أن حجم الفاقد الضريبي يبلغ نحو 1.9 مليار دولار سنويا.
وتتعدد طرق التهرب الضريبي وأشكاله في الأردن، التي يتبعها الأفراد والشركات، حيث يشير تقرير صادر عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عام 2014، حول النظام الضريبي في الأردن، إلى أن أغلب حالات التهرب التي تتم ملاحقتها من قبل دائرة الضريبة تتعلق بالضريبة العامة على المبيعات، بينما حالات التهرب من ضريبة الدخل أقل من ذلك بكثير.