منذ العام 2007، بدأت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" نشر تقرير سنوي حول منظور أسعار النفط. في أول تقرير لها توقعت سكرتارية "أوبك" في فيينا، أن تراوح الأسعار بين 50 إلى 60 دولاراً للبرميل حتى العام 2030.
ولكن على أرض الواقع، فإن الأسعار كذبت توقعات "أوبك"، إذ ارتفع سعر برميل برنت إلى 141 دولاراً قبل أن ينخفض إلى 33 دولاراً في العام 2008، في أعقاب أزمة المال العالمية التي كادت أن تفلس بالعديد من البنوك الدولية الكبرى، لولا ضخ ترليونات الدولارات في شرايين الاقتصاد العالمي.
وفي العام 2010، توقعت "أوبك" في تقرير منظور النفط، أن تتراوح الأسعار بين 70 إلى 80 دولاراً للبرميل حتى العام 2020، ولكن من يتابع أسواق الطاقة، يلاحظ أن سعر خام برنت حام حول سعر مائة دولار طوال السنوات الأربع الأخيرة، قبل أن ينخفض خلال الشهر الماضي تحت عتبة 90 دولاراً للبرميل.
والحقيقة أن "أوبك" ليست وحدها في بحر التوقعات الخاطئة التي تكذبها الأسعار الحقيقية للنفط، فهنالك أخطاء التوقعات التي يصدرها صندوق النقد والبنك الدولي والعديد من البنوك الاستثمارية في لندن ونيويورك التي تتاجر في النفط، وتنصح مستثمريها الذين يضاربون على الأسعار في العقود المستقبلية.
وسبب خطأ التوقعات بالنسبة لمنظمة "أوبك"، أو حتى المؤسسات الدولية، يعود في جزء كبير منه إلى سلعة النفط نفسها التي لا يعتمد سعرها على معادلة العرض والطلب. فالنفط في الواقع سلعة سياسية اقتصادية وأداة مالية مهمة في العقود المستقبلية. وبالتالي فسعر النفط يؤثر ويتأثر بالعديد من العوامل التي لا يمكن حصرها. كما أنها سوق ضخمة يقدر حجمها بنحو 3.4 ترليون دولار سنوياً.
من ناحية السياسة، يلاحظ أن سعر النفط شديد الحساسية تجاه الاضطرابات السياسية والأمنية العالمية، حيث يتذبذب سعره تبعاً للمعادلة الأمنية الجيوسياسية، فمثلاً الحروب والنزاعات الإثنية العرقية الدينية الجارية حالياً في المنطقة العربية، يمكن أن تقلب معادلة الأسعار في أية لحظة، إذ إنها قريبة من الآبار الرئيسية التي تغذي العالم بمختلف الخامات النفطية.
ويكفي أن تمتد حركة "داعش" إلى شرقي البصرة أو كردستان، أو تقوم بعض الحركات المسلحة بتفجير أبوب نفط رئيسي من خطوط الإمداد لإعادة الأسعار إلى مستوياتها فوق مائة دولار.