"أمواج" من الفن المعاصر في شمال أفريقيا

17 يوليو 2020
من المعرض، إلياس مسعودي/ تونس
+ الخط -

يركز معرض "أمواج: فن من شمال أفريقيا" المقام حالياً في غاليري "سولغر بويل" في لندن، على اتجاهات حالية مختلفة ملموسة في المشهد الفني لدى الفنانين في شمال أفريقيا كالعودة إلى التراث والرموز الشعبية والميل إلى أدوات البوب آرت وتجسيد واقع المرأة وأسئلتها ومقاربة الواقع السياسي بشكل ساخر، حيث تنظم المعرض القيمة والفنانة الليبية نجلاء العجلي، صاحبة مبادرة "نون" التي تعنى بتقديم الفن الأفريقي المعاصر واتجاهاته في معارض عالمية مختلفة. 

ترى العجلي أن الفن المعاصر في القارة الأفريقية، غالباً ما يتم نسيانه أو تهميشه، ولكن أفريقيا نفسها كمكان كانت دائمًا نقطة جذب للحضارات والتي تركت بصمات عميقة على ثقافتها الجماعية والسياسية، من هنا يسعى هذا المعرض إلى تسليط الضوء على تنوع الفكر والأساليب في جعرافيا ممتدة يشارك بها فنانون تشكل أعمالهم هوية بصرية لشمال أفريقيا. 

من الفنانين المشاركين السوداني أمادو الفادني الذي يركز عمله الفني على تداعيات ما بعد الاستعمار في المنطقة، ووالفنانة المصرية سعاد عبد الرسول بتساؤلاتها حول الأنثى داخل هذه المجتمعات، وكذلك الفنان المصري هاني راشد الذي يفتح نوافذ ساخرة تنقل الشارع المصري الشعبي إلى اللوحة.

عمل الفنانة سعاد عبد الرسول

كذلك يشارك الفنان الفرنسي من أصول مغربية لبنانية، كومبو، بمجموعة من الأعمال التي تعبّر عن الشتات والهويات. ويحضر الفنان التونسي إلياس مسعودي الذي يسعى من خلال أعماله إلى تقديم صورة مركبة من عناصر التراث والمعاصرة. 

معرض "أمواج" يضم مزيجًا انتقائيًا من ممارسي الفن أثناء استكشافهم واستجابتهم لبيئة يتخذ فيها التطرف والمادية والاستهلاكية وتبعات ما بعد 2011 شكلًا معينًا وتأثيرًا كبيراً على الثقافة البصرية، بالإضافة إلى أن الأعمال تشكل موجات من التيارات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكامنة في المنطقة. 

من خلال المزج بين الحقيقة والخيال، مع المخاوف الماضية والمستقبلية، تقدم لوحات المعرض تعليقاً على الواقع المعقد بطبيعته وتشوهاته؛ ولكل من الفنانين المشاركين مهارات وأساليب وتوجهات مختلفة، فإن ما يتعلق بالفن في شمال إفريقيا يتم الكشف عنه من خلال أعمال من مصر والسودان وتونس والمغرب.

أمادو الفادني

أمادو الفادني (1974)، فنان سوداني مصري تنتمي طفولته إلى بيئتين مختلفتين: القاهرة والبيت السوداني. العلاقة والتوتر بين هذين العنصرين يؤثر بشدة على رؤيته للثقافتين. ويجعله يشكك في "الهوية" بخطابه المتعلق بها، بالإضافة إلى متغيرات الأمة والعرق في أعماله الفنية. 
من خلال العمل مع الأحداث التاريخية المنسية والإشارة إلى الحالة الراهنة للأشياء ، فهو يتحدى ديناميكيات السلطة بين الفرد والسلطة على كل من المستويين الاجتماعي والسياسي. ويعطي صوتًا للأقليات العرقية. في سلسلة "Ace of Spades" الحاضرة في معرض "أمواج"، يسلط الفنان الضوء على استغلال البشر الذي أدى إلى الكفاح من أجل الحرية ضد الهيمنة. 

أما الفنان كومبو، المعروف أيضًا باسم Combo Culture Kidnapper، هو فنان شارع ولد عام 1989 في أميان بفرنسا لأب لبناني مسيحي وأم مغربية مسلمة. هذه الخلفية الدينية المزدوجة أثرت بشكل كبير على مساره الفني ورسالته الشخصية. يعيد الفنان تدوير الثقافة الشعبية ويقدم أيقونات مختلطة مع الأساطير الحضرية والرسوم الهزلية والرسوم المتحركة وألعاب الفيديو واللوحات والتصوير الفوتوغرافي. في 2015 رسم جدران محتلفة في شوارع باريس بشعار "CoeXist". 

أما الفنان إلياس مسعودي فقد ولد عام 1990 في تونس، وهو يدمج الرسم والكولاج والتطريز بأسلوب خاص به. يعيش حاليًا بين تونس وفرنسا ولا يزال فنه متجذرًا بعمق في تراث شمال إفريقيا. يميل خطاب مسعودي الفني إلى إظهار تبيانات التقليد والحداثة، حيث يلعب بمفاهيم الاندماج المجتمعي وصراعات الهوية التي أيقظت ثورة ثقافية. 

هاني راشد

في أحدث مجموعة لمسعودي بعنوان "1001 ليلة من شهرزاد" ، يقدم سلسلة من اللوحات المشرقة والحيوية التي تجمع بين الأقوال التونسية الشعبية والرموز الثقافية التونسية التقليدية والمعاصرة لتصوير قصة شهرزاد. 

بدوره يعتبر هاني راشد، الذي ولد عام 1975 في القاهرة، أحد أبرز الفنانين المعاصرين والأكثر غزارة، ويعالج في لوحاته الثقافة الشعبية ويستخدمها بطريقة تكسر الحواجز من خلال تجربة مجموعة من التقنيات مثل الكولاج والرسم والنحت. في بداية ثورة يناير 2011، لعب راشد دورًا في توثيق التاريخ المصري الحديث من خلال الإنتاجات الفنية الساخرة. 

يشارك راشد في المعرض بسلسلة لوحات "بلدوزر" التي تجمع بين استخدام صفائح بلاستيكية معالجة مع تشويه الصور من مصادر مختلفة. الجرافة التي تظهر في بعض اللوحات تجسّد التفكيك وإعادة التموضع التي تؤثر على الناس والمجتمع، كأن الجرافة ليست إلا انعكاسا للسلوك والعلاقات الإنسانية والاجتماعية.
 
أما الفنانة سعاد عبد الرسول فقد ولدت عام 1974 في القاهرة، وهي تعتمد على الفولكلور والتفاعل بين الناس والحيوانات والنباتات، مع توظيف تقاليد التصوير الداخلي لأوروبا، مما أدى إلى إعادة تصور الشكل البشري. لوحاتها ممتلئة بأغصان الأشجار والوجوه والحيوانات، وعن ذلك تقول "بدأت في إضافة عناصر نباتية في محاولة لمكافحة فكرة أن البشر أكثر أهمية من الحيوانات والنباتات". باستخدام الرسم والتصميم الجرافيكي والكولاج تتأمل العلاقة بين الناس وعناصر الوجود مثل الأرض والمعادن والنباتات.

كما تقوم الفنانة باستخدام شظايا الخرائط والرسوم التوضيحية العلمية لجسم الإنسان، وتعيد تصوّر الفضاء والمفاهيم حول جسم الإنسان، وتقديم شيء يجعل المرأة والطبيعة هما مركز العمل والفعل.

 

المساهمون