وقال نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، صالح حجازي، في بيان نشرته أمنستي اليوم: "إنه لأمر مشين أن يواجه عيسى عمرو عقوبة بالسجن لمجرد تعبيره عن آرائه المتعلقة بتعزيز حقوق الإنسان على الإنترنت.
وينبغي على السلطات الفلسطينية إسقاط جميع التهم الموجهة إليه فوراً. فلا ينبغي أن يكون انتقاد أحد المسؤولين جريمة. وإذا سُجن عيسى عمرو فسيُعتبر سجين رأي".
وأضاف صالح حجازي قائلاً: "لدى السلطات الفلسطينية سجل حافل في مضايقة وترهيب المنتقدين السلميين، ونشطاء حقوق الإنسان. فالاضطهاد المتواصل لعيسى عمرو هو علامة وخيمة تدلّ على أن هذه الاتجاهات غير القانونية مستمرة. فالحكومة الجديدة المقبلة برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتيه يجب أن توضح بسرعة أن الأمر ليس كذلك، وأن تظهر التزاماً حقيقياً بحماية حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان، كأمثال عيسى عمرو".
ومضى صالح حجازي يقول: "يقع على عاتق السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية واجب ضمان حرية المدافعين عن حقوق الإنسان مثل عيسى عمرو في القيام بعملهم دون تهديد أو ترهيب أو إيذاء؛ فالفشل في حماية هذه الأنشطة، والتدخل المتعمد في عملها، إنما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي".
وأكد حجازي: "منذ أكثر من 50 عاماً، تعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة لانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان تحت الاحتلال الإسرائيلي القاسي. ويجب أن يكون النشطاء مثل عيسى عمرو، الذين يفضحون ما يحدث فعليًا على الأرض، حتى يتسنى للناس أن يلتمسوا العدالة والإنصاف، قادرين على العمل دون تدخل تعسفي".
كما أشارت المنظمة إلى أنه قبيل عقد جلسة المحكمة الأولى في 28 مارس/ آذار، فإن محاكمة عيسى عمرو، وهو مدافع فلسطيني بارز عن حقوق الإنسان، بسبب نشره تعليقاً على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد فيه السلطات الفلسطينية، إنما تمثل صفعة قاصمة أخرى لحرية التعبير في فلسطين.
ووفق بيان المنظمة، في 4 سبتمبر/أيلول 2017، قُبض على عيسى عمرو، وهو عضو مؤسس في مجموعة "شباب ضد الاستيطان"، على أيدي قوات الأمن الفلسطينية، وذلك بعد انتقاده السلطات الفلسطينية على "فيسبوك" بسبب اعتقال صحافي في الخليل كان قد انتقد الرئيس محمود عباس.
وعند اعتقال عيسى عمرو، على أيدي قوة الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية في 2017، احتُجز لمدة سبعة أيام تعرض خلالها للتعذيب، كما ادعى، على أيدي محققين من لجنة الأمن المشتركة، وهي هيئة تضم أعضاء من قوات الأمن المختلفة. وأخبر منظمة العفو الدولية بأنه احتُجز في الحبس الانفرادي لمدة خمسة أيام، وأنه تعرض للكم والتهديد بالقتل من قبل المحققين؛ ثم أطلق سراحه بكفالة قدرها 1400 دولار.
وقد وُجهت إلى عمرو تهمة "تهديد الأمن العام" بموجب "قانون الجرائم الإلكترونية"، و"إثارة النعرات الطائفية"، و"إطالة اللسان"، بموجب قانون العقوبات الأردني لسنة 1960، الذي لا يزال سارياً في الضفة الغربية. وإذا أدين، فإنه سيواجه عقوبة السجن تصل إلى سنتين، ودفع غرامة.
وعندما أُطلق سراح الناشط عمرو بعد قرابة أسبوع من الاحتجاز، قيل له إن قضيته جمدت لأن التهم ستُسقط وتُغلق القضية. لكن في الشهر الماضي، أعادت محكمة فلسطينية في الخليل فتح قضيته، في محاولة واضحة لترهيبه للتخلي عن نشاطه المستمر الذي يسلط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية والفلسطينية.
وأخبر عيسى عمرو منظمة العفو الدولية أنه تلقى تهديدات بالقتل على وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر الهاتف، من أنصار "حركة فتح"، وهي الحزب السياسي الفلسطيني الذي يتمتّع بالسلطة في الضفة الغربية. وقال: إنه "يخشى على سلامته الشخصية"، وأضاف أن السلطات الفلسطينية هددت أيضًا المقربين منه بمنعهم من التعاون معه، أو مع مجموعة "شباب ضد الاستيطان" التي يرتبط بها.
وفي الشهر الماضي، أصدرت فتح بيانًا صحافيًا حثت فيه منظمات المجتمع المدني في الخليل على عدم العمل مع عيسى عمرو أو "شباب ضد الاستيطان"، وحذرت من أن الذين سيقومون بذلك سيواجهون الانتقام.
وقال عيسى عمرو: إن "المستوطنين الإسرائيليين في الخليل زادوا من ترهيبهم وتحريضهم ضده وأفراد من شباب ضد الاستيطان بعد بيان فتح الصحافي".
وقالت المنظمة: "ينبغي على السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية أن تتوقف عن استخدام قانون الجرائم الإلكترونية القمعي لاضطهاد المنتقدين والنشطاء السلميين، وينبغي عليها بدلاً من ذلك إصلاح هذا القانون لجعله يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، أو إلغائه تماماً".
ولفتت إلى أن عيسى عمرو يحاكم أمام محكمة عسكرية إسرائيلية في 18 تهمة تتعلق جميعها بنشاطه السلمي في الخليل. وستعقد الجلسة التالية لهذه المحاكمة في 1 أبريل/نيسان المقبل.