"أطفال الشوارع" لـ "العربي الجديد": في طريقنا إلى السجن

08 مايو 2016
(محمد عادل، الصورة: صفحة الفرقة على فيسبوك)
+ الخط -

في وسط الشارع، يرفع أحدهم يده حاملاً هاتفه المحمول، يقف وراءه خمسة من أصدقائه، ربما يظّن المارّة أنهم يلتقطون صورة "سيلفي"، لكنهم، في الحقيقة، كانوا يصوّرون فيديو لمدة خمس دقائق، بعنوان "براعم الإيمان"، أعلن عن وجود فرقة "أطفال شوارع". فيديو ينتقد الجمود وعدم التجديد في إذاعة القرآن الكريم.

منذ الخامس من كانون الثاني/ يناير حتى اليوم، رفعت الفرقة 12 فيديو. الأخير منها كان بعنوان "السيسي رئيسي جابنا ورا"، تسبّب في القبض، قبل يومين، على عز الدين خالد؛ أصغر أعضاء الفريق، إضافة إلى مطاردة البقية.

من على "قهوة الفقراء"، في منطقة وسط البلد، بدأت فكرتهم بتصوير أول الفيديوهات، كتطوّر لفكرة مسرح الشارع التي ظلوا عامين يقدمونها، بعد مقابلتهم الأولى في ورشة للمسرح قدموا فيها، لمدة عام، عروضاً مسرحية مع "مركز الجيزويت الثقافي"، واستقلّوا بعدها للعمل بمفردهم.

بعروض غناء ورقص وتمثيل ظهروا في الشارع من دون دعوات مسبقة، لكنها كانت تصل إلى عدد قليل من الأفراد في القرى والمحافظات التي تنقلوا فيها، وهو ما دفعهم إلى محاولة نشرها على نطاق أوسع من خلال صفحتهم على "فيسبوك". مساء أمس السبت، أعلنت صفحتهم القبض على عز الدين خالد (19 عاماً).

في حديثٍ إلى "جيل العربي الجديد"، يقول منسّق الفرقة، محمد عادل، إنهم على الرغم من عدم قدرتهم على استيعاب ما حدث، إلا أنهم لا يشعرون بالخوف، مشيراً إلى أنهم يعلمون أنه سيقبض عليهم قريباً.

في بداية شباط/ فبراير، بعد فيديو "سد النهضة الأثيوبي"، علّق لهم أحد المتابعين على الصفحة ساخراً "القبض على فرقة أطفال الشوارع"، وأجابوه هم بسخرية أيضاً: "متنساش العيش والحلاوة"، لكنهم لم يتوقعوا حدوث الأمر بحبس أحدهم ومطاردتهم.

يشير عادل إلى أنهم في البداية قدموا فيديوهات تعتمد على الفكاهة الاجتماعية فقط، ولم يتطرقوا إلى أمور سياسية، خصوصاً أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت قادرة على صياغة الواقع بشكل ساخر، لكن الفيديوهات السياسية الأخيرة جاءت بشكل عفوي، ولم يكن التوجّه السياسي مقصوداً: "نحن ننتقل من فكرة إلى أخرى. لم نقف أمام الموضوع لتقييم هل الفيديو يتخطى الحدود أم لا، وتبعاته. لكن هذا ما آل إليه الأمر الآن".

ويبيّن الشاب أن ثلاثة من أعضاء الفرقة قد دوهمت منازلهم من قبل حملات أمنية ليلاً للبحث عنهم بعد القبض على عز الدين، لكنهم لم يكونوا موجودين، مفضّلاً عدم الإفصاح عن أسمائهم خوفاً عليهم.

يوضّح عادل أن الشاب المُعتقل الآن مصابٌ بمرض السكّري، ولا يتوفّر لديهم معلومات حول وضعه الصحي داخل قسم "مصر الجديدة" المحتجز فيه الآن، مؤكّداً أنّه لم يتعرّض إلى سوء منذ القبض عليه، وفق المحامي الذي يتابع القضية.

عز الدين خالد



اللافت في الأمر أن صفحة الشرطة المصرية قد نشرت الفيديو الأخير للفرقة، معلّقةً عليه بأن "الأمر تعدّى حرية التعبير وأصبح قلة أدب". ولم يتخيل أعضاء الفرقة هذا الرواج لفيديوهاتهم. يقول عادل: "ربما لأننا أراجوزات، أو لأننا قلنا اللي هما مش قادرين الناس يقولوه، أو لأننا كنا منظر شاذ جلب النظر، في الحقيقة لا أعرف السبب".

يقول: "التهمة فيديو سياسي ساخر. لم نرتكب جريمة". يضيف: "هنعمل إيه؟ الوضع كله ساخر".

من جهته، ينتقد عضو الدفاع عن الفرقة، المحامي في "مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، محمود عثمان، قرار النيابة بحبس عز الدين أربعة أيام على ذمة التحقيق في قضية لا ينص القانون على عقوبة الحبس، بل عقوبتها هي غرامة لا تتجاوز 30 ألف جنيه، مؤكداً أن حبسه غير دستوري وفقاً للمادة 67 من الدستور.

تنص هذه المادة على أن "حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية الفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري".

وحول ما أعلنه منسق الفرقة عن صدور أوامر ضبط وإحضار لهم جميعاً، أوضح عثمان أن عز الدين قُبض عليه على خلفية هذا الفيديو، وجميعهم ظهروا فيه ما يجعلهم متهمين معه.


 (مصر)

المساهمون