"أسوشييتد برس": اختراع جيش مصر لكشف الإيدز مثير للسخرية

28 فبراير 2014
وكالة امريكية تعتبر اختراع كشف الإيدز المصري مثيرا للسخرية
+ الخط -

تتواصل في أنحاء العالم حملة السخرية الإعلامية والعلمية حول ما وصف بأنه "اختراع الجيش المصري لعلاج لمرض نقص المناعة المكتسبة ايدز"، والذي رفضت الكثير من المؤسسات الطبية والعلمية الدولية والمصرية على حد سواء الاعتراف به، واعتبرته سقطة مدوية.

وأوردت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية في تقرير طويل لها اليوم الجمعة تصريحات وتعليقات حول الكشف العلمي والطبي المزعوم قائلة إن "قادة الجيش المصري تعرضوا لسخرية لاذعة بعدما كشف رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة عما وصفها بأجهزة إعجازية تكتشف الإيدز والتهاب الكبد الوبائي وفيروسات أخرى وتعالجها".

وقالت الوكالة إن "الزعم الذي رفضه خبراء ووصفه المستشار العلمي لرئيس الجمهورية في مصر عصام حجي بأنه "فضيحة علمية"، سدد ضربة موجعة لصورة الجيش كمنقذ للبلاد والتي صيغت بعناية وحنكة على مدار الفترة الأخيرة. كما تأتي فيما يتوقع أن يعلن المشير عبد الفتاح السيسي، الذي أسقط محمد مرسي في يوليو/ تموز الماضي عن ترشحه لرئاسة الجمهورية".

وأثار العرض التلفزيوني الذي جرى أمام السيسي والرئيس المؤقت ومسؤولين كبار آخرين، مخاوف من أن إعلان الجيش عن أجهزة مستقبلية لا يمكن تصور وجودها يعني انجرار مصر من جديد إلى حقبة الوعود المنكوصة في ظل الحكم الديكتاتوري عندما كان حسني مبارك يعلن من حين لآخر عن مشاريع ومبادرات تفشل في نهاية المطاف في تلبية التوقعات المرجوة منها.

وكتب المتحدث العسكري العقيد أحمد محمد علي في وقت لاحق على صفحته الرسمية على فيسبوك "رجال القوات المسلحة حققوا طفرة علمية باختراع أجهزة للكشف عن المصابين بفيروس سي والإيدز بدون الحاجة إلى أخذ عينة من دم المريض والحصول على نتائج فورية وبأقل تكلفة، وقد سجلت براءات الاختراع لها باسم رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية".

وأشار الكاتب المعروف حمدي رزق إلى أن المقاطع المصورة للعرض انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي حيث تقول التغريدات والمدونات إن الجيش جعل من نفسه أضحوكة وعرض سمعته للخطر.

وكتب في عموده بجريدة المصري الأربعاء الماضي "خسارة معنوية فادحة منى بها معسكر المشير سمعة الجيش المصري صارت تتعرض يوميا وعلى مدار الساعة لقصف إلكتروني".

ويقول البروفسيور ماسيمو بينزاني وهو أخصائي في أمراض الكبد ومدير معهد الكبد والجهاز الهضمي في جامعة لندن، إنه حضر عرضا لجهاز سي- فاست أثناء زيارته إلى مصر لكنه "لم يحصل على تفسيرات مقنعة حول تقنيته" ولم يسمح له بتجربته بنفسه.

وكتب في رسالة عبر البريد الإلكتروني للأسوشيتد برس: "كما هو الحال في الوقت الحاضر، الجهاز مطروح بدون أي أساس تقني وعلمي مقنع، وحتى يقدم ذلك بوضوح، ينبغي اعتباره عملية احتيال محتملة".

وتصاعد الصخب عندما شجب مستشار علمي للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور الزعم وقال إنه يفتقر لأي أساس علمي.

وقال عصام حجي، عالم الفلك في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا لجريدة الوطن اليومية يوم الأربعاء الماضي: "الاختراع غير مقنع وليس له أي أساس علمي واضح من واقع العرض التوضيحي للجهاز، الذي أذيع في القنوات التليفزيونية، إضافة إلى أن البحث الخاص بالابتكار لم ينشر في أي دوريات علمية مرموقة"، مشيراً إلى أن "موضوعاً بهذه الحساسية في رأيي الشخصي يسيء لصورة الدولة، وستكون له نتائج عكسية في البحث العلمي، وتمنيت أن يكون هناك حذر أكبر حول ما قيل في نشر هذه المعلومات".

وأضاف المستشار العلمي للرئيس المؤقت من الولايات المتحدة الأمريكية أن كلا من منصور والسيسي فوجئا وحضورهما العرض لا يعني إقرارهما لما حدث.

وكانت حالة الغضب قد بدأت عندما قدم اللواء طاهر عبد الله رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة المصرية عرضا تلفزيونيا مطولا أمام السيسي وعدد من كبار المسؤولين الآخرين حول ما أسماه بالاختراع العلمي الإعجازي المذهل.

وقال عبد الله إن اثنين من الأجهزة يحملان اسم سي- فاست وآي- فاست يستخدمان الكهرومغناطيسية لاكتشاف الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي وفيروسات أخرى بدون الاضطرار إلى أخذ عينات من الدم، بينما يعمل الجهاز الثالث المسمى كومبليت كيور ديفايس مثل وحدة غسيل كلوي لتنقية الدم، كما قال أيضا إن جهاز سي- فاست الذي يبدو كهوائي متصل بيد خلاط يكتشف المرضى المصابين بالفيروسات المسببة للالتهاب الكبدي والإيدز بمعدل نجاح مرتفع.

ويظهر في فيلم قصير بث أثناء العرض رئيس الفريق الهندسي اللواء إبراهيم عبد العاطي يخبر أحد المرضى أنه كان مصابا بالإيدز لكنه الآن نال الشفاء.

وفي اليوم التالي، عقد عبد العاطي وفريقه مؤتمرهم الصحفي الخاص قال فيه العالم: "سوف أخد الإيدز من المريض، ثم أعطيه صباع كفته يتغذى عليه".

وقال جمال شيحه رئيس جمعية رعاية مرضى الكبد، إحدى المراكز البارزة في مصر التي عملت إلى جانب الجيش، قال إنه غاضب من تلك الإعلانات "المتسرعة". وقال إن جهازا واحدا فقط من الأجهزة الثلاثة - سي فاست- خضع لاختبارات شاملة.

وقال شيحة إن سي- فاست يستخدم ترددات كهرومغناطيسية شبيهة بالتي تستخدم في الكشف عن القنابل والرادارات وجرى تجربته على أكثر من ألفي مريض بنسبة نجاح مرتفعة.

وقال "تكنولوجيا سي- فاست فعالة دون شك". بيد أنه رفض المزاعم القائلة بأن الجهازين الآخرين يكتشفان مرض الإيدز ويعالجان الفيروسات.

وبرغم تلك الشكوك، قال الناطق باسم وزارة الصحة محمد فضل الله إن الوزارة اعترفت بقانونية الأجهزة. ويقول وزير الصحة الأسبق عمر حلمي وهو جراح كبد بالأساس، يقول إن الوزارة أقرت سي- فات قبل عامين لكنه لم يسمع قط بالجهازين الآخرين.

أخيرا عزز الصخب الدائر من حالة الغموض والشك لدى المصريين العاديين والمتأججة بالفعل بعد سنوات الاضطراب التي أعقبت الإطاحة بمبارك في فبراير / شباط 2011.

ويقول سائق السيارة الأجرة ذو الخامسة والثلاثين أحمد مراد: "أتمنى أن يكون الاختراع حقيقيا لكنني لا أثق في ذلك. لا أصدق أي أحد...كل شيء مرتبك جدا. الأمر أشبه بالسَلَطَة".

دلالات
المساهمون