تعرّف اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1954 الخاصة بـ"عديمي الجنسية" الشخص عديم الجنسية (البدون) بأنه "الشخص الذي لا تعدّه أية دولة مواطناً فيها بمقتضى تشريعاتها"، أما "البدون" في القانون الكويتي فهو "المقيم بصورة غير شرعية".
منذ الخمسينيات إلى اليوم، تعيش هذه الفئة التي يفوق تعدداها الـ 110 آلاف نسمة، أي 4% من مجمل سكان البلاد، في تعقيدات تمسّ تسيير حياة أفرادها الشخصية؛ من تصاريح للزواج وحصول على شهادات جامعية وغيرها مما يؤثر بشكل مباشر على تفاصيل العيش الإنسانية وأبسط الحقوق اللازمة لتسهيل الحاجات البديهية، وفق ما يقول أحد المتضررين، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، من هذه الإجراءات في تصريح لـ "العربي الجديد".
تلك مسألة إنسانية مركبة، اختصرها الشاعر تشارلز سميك بعبارته "من الصعب على الذين لم يمرّوا بالتجربة أن يفهموا حقاً ماذا يعني ألا يكون لديك الوثائق اللازمة".
ومن منطلق أن الثقافة مسؤولية اجتماعية، ولا يفترض أن يظلّ المثقف في برجه العاجي، تأتي مبادرة "أسبوع البدون الثقافي" التي تنظّمها عدّة جهات كويتية ثقافية وتنطلق بعد غدٍ السبت، الثلاثين من الشهر الجاري وتتواصل حتى الثاني من نيسان/ أبريل المقبل.
تأتي التظاهرة بعد رحيل الروائي ناصر الظفيري، أحد أبرز كتّاب البدون، صاحب ثلاثية "الجهراء"، والذي رحل مؤخراً في كندا وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي رحيله غريباً وجنازته التي عبر بها أصحابه الثلج، في مشهد موحش، ضاعف من معنى وألم رحيله بعيداً عن وطنه الأم.
"العربي الجديد" تواصلت مع أحد منظّمي التظاهرة الذي قال إن "التظاهرة ليست ردّ فعل على رحيل الظفيري، بل يجري التخطيط لها منذ مدّة، وسوف نسعى إلى أن تكون ظاهرة سنوية مستمرة ومنتظمة".
بحسب الجهة المنظمة، فإن إقامة الأسبوع تأتي من منطلق أن "الثقافة والفنون والآداب متصلة بقضايا الإنسان وتبدأ منه وتنتهي به، وإيماناً بالدور الاجتماعي والإنساني للمثقف والأديب"، ولأن "قضية البدون تعد القضية الأولى والأهم في المجتمع الكويتي"، فإن برنامج التظاهرة يسلط الضوء على قضية البدون من مختلف أبعادها الاجتماعية والفنية والأدبية بهدف خلق وعي مجتمعي أفضل بها، وفقاً للقائمين على الأسبوع.
تفتتح الفعاليات بمحاضرة "الصهد والبرد: الوطن والغربة، قراءة في أدب الكويتيين البدون" التي يلقيها الناقد فهد الهندال، بتنظيم من "مركز نور الثقافي" و"مختبر السرديات الكويتي" و"مركز وجهة نظر" الذي تقام فيه المحاضرة عند الثانية عشرة من ظهر السبت.
وفي اليوم التالي، الأحد، تلقي الناشطة الحقوقية والأكاديمية ابتهال الخطيب محاضرة عند السابعة والنصف من مساء الأحد تلقيها في منصة الفن المعاصر/ كاب تحت عنوان "الأثر النفسي والمجتمعي لتسويف قضية البدون".
تلتفت التظاهرة إلى الشعر الذي يكتبه الكويتيون البدون في أمسية تحت عنوان "هذه الأرض لي" وهي قراءات في قصائد من شعر البدون، لكلّ من هنادي الشمري وأمل العابدي وشهد الفضلي ومنى كريم ومحمد النبهان وسعدية مفرح ودخيل الخليفة وعلي الصافي وأحمد النبهان، ويُلقي قصائد هؤلاء الشعراء نيابة عنهم كل من عائشة العبد الله ومناير الكندري وسيد هاشم الموسوي وسعد الأحمد وتركي الحربي ويقدم الأمسية عبد الله الحسيني.
يُختتم أسبوع البدون الثقافي بمحاضرة للأكاديمي فهد المطيري، عند السابعة والنصف من مساء الثلاثاء المقبل في "مكتبة تكوين" في الكويت، تحت عنوان "ضحايا العنصرية، البدون مثالاً".