أصدرت وزارة الثقافة المغربية مؤخراً، كتاباً من جزئين تحت عنوان "أبحاث في الكتاب العربي المخطوط"، شارك في تأليفه مجموعة من الباحثين المغاربة المهتمين بـ تاريخ المخطوط العربي.
يتضمن الكتاب مجموعة من المقالات والبحوث العلمية، تتناول في مجملها تحليل ووصف ونقد وتحقيق جوانب مهمة من التراث المغربي المخطوط في شتى صنوف الثقافة والمعرفة، وتتنوّع دراساته، فبعضها يتناول الخزائن المغربية وبعضها يتناول شخصيات بعينها لها فضل في تاريخ المخطوطات، وبعضها يتطرّق بالتفصيل إلى كتب محددة.
يحتوي الإصدار أيضاً على جملة من الوثائق والمخطوطات التي تعتبر أساسية من الناحية العلمية والتاريخية، إلى جانب وثائق تغطي الجوانب الفنية والجمالية التي تعكس امتزاج العلم بالفن.
في مقدمة الكتاب يذكر الباحث والأكاديمي محمد الأعرج، وزير الثقافة الحالي، أن المغاربة أولوا منذ القديم اهتماماً خاصاً بالكتاب، باعتباره الوعاء الأنسب لتداول العلوم والمعارف ونقلها إلى الأجيال اللاحقة، فتأسّست الخزائن والمكتبات، وازدهرت صناعة الورق، واشتهرت فنون الخط والزخرفة، وأساليب استعمال الأحبار والألوان، وظهرت آداب وتقاليد التعامل مع الكتاب.
من الدراسات التي تضمّنها الكتاب "نماذج من أنظمة الخزائن المغربية بالمغرب الوسيط" للأكاديمي محمد بن عبد الهادي المنوين، وفيها يتناول العصر المتوسط الرابع، حين بدأ ظهور الخزانة العامة في المغرب، ولم تكن تحمل هذا اللقب، وإنما تؤدي مدلوله في شكل مكتبات موقوفة على المساجد أو المدارس والزوايا الصوفية. بعض هذه الخزائن بقي عنها القليل من المعلومات موزّعة بين المؤلفات والوثائق، وهي التي يحاول الكاتب تحليلها.
كما نجد بحثاً بعنوان "مصطلحات المخطوط العربي" للباحث والأكاديمي مصطفى الطويب الذي يتناول تقاليد المخطوط العربي، ويتناول الكاتب ببليوغرافيا تعفي الطالب والباحث من النظر في القوائم المتخصّصة في كثير من الفنون المرتبطة بالكتاب المخطوط.
أما الباحث أنس وكاك، فشارك ببحث حول "المعجم الكبير" لأبي القاسم الطبراني، فتناول رواته وأصوله ونسخه، حيث يرى الكاتب أن الكتاب المطبوع عن هذا المعجم لا يعدو أن يكون سوى نسخة تقريبية للمخطوط الذي تركه المؤلف. وقدّمت الباحثة نزهة بنسعدون ورقة بعنوان "الترقيم في الحضارات القدمية" والتي تبحث فيه عن أصل الأرقام والخلاف حوله، إذ أن البحث في هذا الموضوع قليل جداً.
وتحت عنوان "التذكرة أو الكناشة" يكتب الباحث عبد المجيد خيالي، ويعود فيه إلى الدفاتر أو القراطيس التي كان يسجل فيها الأدباء غرائب طالعتهم، إلى جانب الطرف الأدبية، والنوادر والأخبار التي يقفون عليها، وكان يطلق على هذه الدفاتر كناشة ويمكن من خلالها دراسة الوسط الأدبي نفسه.
بدوره يتناول الباحث عبد الله التوراتي، المتخصّص في التراث الأندلسي، "ابن أبي العيش التلمساني أحد أعالم سبتة المغمورين" فيتناول آثاره ومآثره ورحلاته باعتباره أحد أعلام التصوف والأدب.