يتعايش فلسطينيو غزة مع أرضهم حتى في ظل الدمار الذي ألحقته الحرب الإسرائيلية الحالية بها. يلمسون ما يمكن أن تعطيهم في ظل أزمة الإبادة، ويتذكرون ما كانت تعطيهم من خيرات في كل الظروف، رغم أن أزمنة السلم لم تكن كثيرة في العقود الماضية، وحال غزة تشبه فلسطين كلها.
عند مدخل خيمة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، تعتني فتاة نازحة بنبتة تنمو في حوض هو إطار فعلياً وضعت فيه تراباً زراعياً. تلمس الفتاة النبتة باهتمام لتضمن أنها تكبر وتعلو، وتفعل الأمر نفسه مع شتلة زهور صغيرة ونباتات أخرى عمرها ربما عمر شهور الحرب أو أقل قليلاً بحسب عمر النزوح نفسه.
وتتكرر اللمسات في أماكن اخرى من غزة المنكوبة. حتى الآن لم يوقف أي شيء الحرب، لكن مزارعين فلسطينيين خسروا الكثير في الأشهر الأخيرة خلقوا حقولاً زراعية في مساحات صغيرة وسط مبانٍ مدمّرة لزرع بذور فلفل وباذنجان وكوسا حصلوا عليها من محاصيل العام الماضي. وكأنهم يحضرون موسم استعادة النشاط، ونمط العمل الذي اعتادوا عليه في فترة ما قبل الحرب، والذي كان يتضمن مزروعات حيوية للنظام الغذائي بينها القمح والزيتون.
سيكون تعافي غزة صعباً في حال انتهاء الحرب، لكن أبناءها سيلبون نداء بذل كل الجهود الممكنة، وستكون الأرض نفسها جاهزة للاستجابة بسرعة لمتطلبات توفير الحياة، رغم عقبات الاستنزاف الإسرائيلي المتعمّد للبنى التحتية، ومحاولات فرض التلوّث البيئي في الهواء والمياه والتربة.
(العربي الجديد)