موسم درامي رمضاني أم موسم للدراما في رمضان!

11 يوليو 2014
من مسلسل صاحب السعادة لعادل إمام ولبلبة رمضان
+ الخط -
يبدو أننا جميعاً مدعوون لإعادة النظر في مصطلح "الموسم الدرامي الرمضاني" الذي نستعمله في معرض حديثنا عن الدراما التي تعرض خلال شهر رمضان المبارك، فالمصطلح خلال السنوات القليلة الفائتة، أصابه "وهن المعنى" إن صح التعبير، وقد بدا ما يعرض مفارقاً لاقترانه بالشهر الفضيل، فاتسعت الهوة بين الأجواء الرمضانية الدينية والعائلية، وطبيعة الأعمال المعروضة وارتفاع منسوب الجرأة فيها، لاسيما مع عرض مشاهد سرير وأخرى في الحمّام والولوج في قصص الخيانات الزوجية والحب الحرام وسواها.

ومع اتساع هوة المفارقة تلك، بدأنا نسمع تساؤلات مستنكرة حول كثير مما يعرض، فيما إذا كان مناسباً بجرأة مضمونه، حواراً وصورة، للعرض في طقس ديني مثل رمضان؟

بينما سننشغل، مشاهدين ونقاداً، في البحث عن أجوبة محتملة لهذا السؤال، سنجد أن ما من أحد من صناع الدراما يجد نفسه معنياً بالإجابة عنه، ذلك لأنهم ينتجون دراما تعرض في موسم رمضان، ولا ينجزون دراما رمضانية حكماً، وبالتالي تبدو المشكلة في فقه مصطلح "الموسم الدرامي الرمضاني" والتباسات معناه. ولفك تشابك عقدة هذا الالتباس بين الرؤية النظرية (دراما رمضانية) وواقع الممارسة (دراما تعرض في رمضان) لا بدّ من فصل الصفة "الرمضاني" عن الموصوف "الموسم الدرامي" ليصير المصطلح الأكثر تعبيراً عما يعرض اليوم هو "الموسم الدرامي في رمضان".

إدراك المصطلح الجديد ربما من شأنه أن يزيح الاستغراب من مشهد يفتتح به الفنان المصري عادل إمام مسلسله وفيه يتم استعراض ألبسة داخلية نسائية في إيحاء واضح لليلة حمراء قضاها بطل العمل بهجت مع زوجته عيشة التي يأتينا صوتها من الحمام في المشهد ذاته، يختلط وصوت تساقط الماء في الحمام.

 والمصطلح الجديد ربما سيخفف من إثارة حفيظتنا أمام مشاهد مسلسلي "لو" و"صرخة روح" التي تقوم بأسرها على الخيانة الزوجية وربما تبريرها، فضلاً عن مشاهد إيحائية في دراما "سجن النساء"، ومع المصطلح هذا ربما لن نستنكر كثيراً مشاهد الرقص والمخدرات في مسلسلات مثل "دلع البنات" و"ابن حلال" و" كلام على ورق"... والأمثلة السابقة ليست سوى غيض من فيض درامي يلعب في موسم رمضان 2014 على حدود المحرم والمحظور والعيب وغير اللائق والجريء.

بالمطلق لا مراهنة على قبول جماهيري لتلك المشاهد، مهما كانت الصيغة الجديدة للمصطلح الذي تنطوي تحته، لكن تثبيت المصطلح بصيغته المقترحة "الموسم الدرامي في رمضان" من شأنه أن ينقل جزءاً كبيرة من المسؤولية التي عادة ما تلقى على كاهل صناع الدراما إلى القنوات العارضة، والتي يفترض أن تختار مما ينتج، ما يصلح للعرض في رمضان.

المسألة هنا شبيهة بما يقوم به مدير مطعم يعد قائمة الطعام الرمضانية، وفيها يستبعد أصنافاً ويستحضر أصنافاً أخرى بما يتناسب وزبائن رمضان، وبالتالي على القنوات العارضة أن تعي ما الذي يفترض أن تعرضه خلال رمضان وما الذي عليها استبعاد عرضه أو على الأقل تأجيل عرضه إلى ما بعد الشهر الفضيل، وهو الأمر الذي بات متاحاً مع توجه لكسر طوق العرض الرمضاني بمواسم درامية أخرى.

تحميل القنوات العارضة مسؤولية ما يعرض لن يتوقف عند هذا الحد، فهذه الأخيرة هي سوق التصريف، وبالتالي هي من تحدد مواصفات الطلب وشروطه، وسيكون على شركات الإنتاج، أي صناع الدراما، تقديم ما يلبي اشتراطات هذا السوق وطلباته، وكلنا نذكر في تسعينيات القرن الفائت كيف عمل صناع الدراما وفق قائمة محظورات وضعتها القنوات العربية العارضة، فلماذا تغيب اليوم؟

إذاً، ليس وحده السؤال عما يجب أن يعرض في رمضان يفترض أن يوجه إلى القنوات العارضة، بل يجب أن نوجه لها سؤالاً ثانياً عن طبيعة التوجه العام، شكلاً ومضموناً، الذي يحكم مسلسلات الأعوام الأخيرة، رغم أننا ندرك مسبقاً أن القنوات العارضة لن تلتفت إلى السؤالين السابقين، فهي معنية فقط بسوق الإعلان وما دام المعلن راضياً، فلن تشغل بالها بالجمهور وما يثير حفيظته، حتى لو صرعتنا تلك القنوات بمقولة "الجمهور عاوز كده".
دلالات
المساهمون