المغرب والجزائر.. تلك الحدود

26 أكتوبر 2014
"مستقبل الوعد" لـ منير فاطمي / المغرب
+ الخط -

في ثمانينيات القرن الماضي، كان الشاعر الجزائري بوزيد حرز الله يخرج من عاصمة بلده بسيارته، ويجتاز الحدود المغربية، ليصل إلى مدينة وجدة من أجل حضور تظاهرة ثقافية، ثم يعرج على مراكش لمشاهدة حلقة الفولكلور في ساحة جامع الفنا.

يلتقي بالأصدقاء من الشعراء هناك، وبعدها يتجه إلى الجنوب، حيث أستوديوهات الفن السابع في ورزازات. كان يفعل ذلك من حين إلى آخر، متجوّلاً بسيارته في المغرب، كما لو كان يتجوّل في الجزائر. لكن هذه الإمكانية لم تعد متاحة منذ إغلاق الحدود البرّية بين البلدين قبل عشرين سنة.

لم يكن حرز الله وحده من يعبر هذه الحدود، ليطوف في البلد الشقيق كما لو كان في بلده. العديد من كتّاب البلدَين كانوا يترددون على مدن البلد الجار، ويعرفون مقاهيها وشوارعها ومراكزها الثقافية. فرق غنائية ومسرحية كثيرة كانت تتنقل بسهولة بين البلدين لتحيي سهراتها، وتعرض أعمالها الجديدة أمام جمهور تلمسان أو الجزائر العاصمة، من دون إحساس بأنه يختلف عن جمهور مراكش أو الدار البيضاء.

التوتر القائم بين البلدين تغذّيه بين الفينة والأخرى نار الفتنة، كما يجري هذه الأيام مثلاً. ما يخسره البلدان اقتصادياً بسبب إغلاق الحدود، يخسرانه أيضاً ثقافياً. لخدمة مَن هذا التوتر؟ وهل ستبقى هذه الحدود البرية مغلقة بين بلدين عربيين يشتركان في اللغة والتاريخ والعادات والذوق والأزياء والفن والثقافة وأساليب العيش ومياه المتوسط؟

* شاعر مغربي من أسرة العربي الجديد

المساهمون