العصفور الأبيض... صباح الخير (8)

27 مايو 2020
+ الخط -
صباح يوم جميل يحمل بين طياته الأمل في التغيير الى الأجمل والأفضل لكل طيور الغابة، فقد قمت من نومي كالعادة أتنفس نسيم الفجر وأراقب شروق الشمس لأتمتع برؤية أشعتها الذهبية وهي تحاول اختراق أوراق أشجار الغابة لتنفذ عبر نافذتي فتضفي على البيت دفئاً رائعا.

أقبل عصفوري الأبيض مغرداً مسروراً فنظرت إليه متأملاً فبادرني قائلاً: هل سمعت ماذا فعل حاكمنا الصقر لرفعة ورقي غابتنا؟ لقد اتفق مع غابة الغربان على أن نبعث أولادنا عندهم ليتعلموا منهم الفنون والعلوم، وما هي إلا سنوات معدودة ويعود أولادنا متسلحين بالعلم والمعرفة.


قلت: كلام رائع فلا أحد يكره العلم ولا أحد ينكر أثر المعرفة، ولكن.. أليست غابة الغربان هذه من قام زعيمها وجنوده باضطهاد الطيور من فصيلتكم؟ فمنعوهم من التغريد، وحرموا عليهم ترديد ما يحفظون من أناشيد، واستعمل معهم كل وسائل الإرهاب والتهديد، حتى أنه عزل صغارهم لينسيهم أصولهم ويغير من أفكارهم حتى نسوا لغتهم وصاروا يتحدثون مثلهم ويأكلون أكلهم المصنوع من لحوم بني جنسهم، وصاروا لا يعرفون آباءهم ولا أمهاتهم وتبرؤوا من عائلاتهم، وتغيرت طقوسهم وأخلاقهم فلا يرفعون للكبير شأناً، ولا يحفظون عهداً، ولا ينكرون منكراً ولا يصنعون في أحد من بني جنسهم معروفا!

قال العصفور الأبيض: نعم غابة الغربان هي من اتفق معها حاكمنا الصقر.

قلت: فلماذا إذن يرسل حاكمكم الصقر أولادكم الى هناك؟ ألا يخشى عليهم من أن يفعل بهم الغربان مثلما فعلوا في بني جنسكم الذين يحكمونهم؟

قال: حاكمنا الصقر يعرف أين المصلحة وهو يحرص على أولادنا أكثر منا، فإن كان قد رأى أن إرسال أولادنا للتعلم هناك خير لهم فهو خير لهم حتما وعلينا أن نطيعه دون تردد.

قلت: أليس حاكمكم الصقر هو من أرسل أولادكم من قبل لمساعدة جيرانكم طيور الغابة السعيدة على القضاء على أبناء عمومتهم، فتحالف الاثنان على أولادكم الذين عادوا من هناك بين قتيل بمخلب، أو منتوف ريش أو مكسور جناح؟

قال عصفور كبير كان يتابع حديثنا: ولكن ما حدث في الغابة السعيدة مر عليه زمن والأمر تغير الآن وأصبح حاكمنا أكثر حنكة ودراية بالأمور، وربنا يديم علينا نعمة أنه حاكمنا.

فقال العصفور الأبيض: فعلاً.. ثم قال الاثنان معاً: يحيا الصقر حاكماً لنا .. يحيا الصقر حاكماً لنا .. يحيا الصقر حاكماً لنا.
59257FF4-4542-4A2B-849A-E42302D56A06
مجدي جودة

مستشار قانونى ومحام.. لى مؤلفين بدولة قطر أولهما المحاماة بين الماضى والحاضر، والثانى القضاء بين الشريعة والقانون.أحلم بوطن يسع الجميع لا إقصاء فيه لأحد ولا تمييز لأحد على حساب أحد.