الشباب الفلسطيني.. من حصار إلى حصار

05 نوفمبر 2014
الكثير من التجمعات باتت تربك جيش الاحتلال في القدس(الأناضول)
+ الخط -

يفرض واقع الاحتلال نفسه على فضاءات الشباب الفلسطيني العامة، والتي أصبحت تتقلّص وتضيق شيئاً فشيئاً، فالتجمعات الشبابية محرّمة، وأيّ تجمع، يدفع سلطات الاحتلال الإسرائيلي لشحذ تعزيزاته العسكرية والوحدات الخاصة، كوحدة الـ"يسام" والمستعربين، لقمعه وفضّه.

زفّة العرس، تجمعٌ عفويٌ لطلبة المدارس بعد انتهاء دوامهم المدرسي، استقبال أسير محرر، صلاة الجمعة، وغيرها الكثير من التجمعات باتت تربك جيش الاحتلال في مدينة القدس، وكذلك مناطق التماس المباشر.

مؤسس مجموعة "عيش الحلم"، أحمد هديب، قال لـ"جيل"، "إن المساحة الضيقة التي كانت متوفرة للتعبير عن الرأي، تلاشت الآن في ظل سياسة "تكسير العظام" التي تتبعها سلطات الاحتلال بالتعامل مع أي تجمعات أو نشاطات شبابية"، فبعدما كان قانون المسيرة الصامتة يقتصر على 50 فرداً من دون الحصول على تصريح، بات الآن يُعرّض تجمعاً لأقل من 30 شخصاً للقمع والضرب والاعتقال والمحاكمة.

ويبيّن هديب أن المؤسسات الفلسطينية التي تحاول أن تكون فضاءً للشباب الفلسطيني كثيرة، ولكنها كلها تتبع أجندة وسياسات لا تلبي طموحهم، مؤكداً على أن طاقات الشباب المخزونة والتي يمكن استغلالها في الكثير من المجالات الاجتماعية والتربوية، تذهب الآن سدى في ظل استمرار تهميشهم وإيعادهم عن الأدوار القيادية في المؤسسات والأطر والأحزاب.

الحبس المنزلي، سياسة أخرى باتت تفرضها سلطات الاحتلال على النشطاء الفاعلين لإبعادهم عن المجتمع، وفيه إيلام بأضعاف الحبس الفعلي في سجون الاحتلال، ففي البيت يشعر أن الأهل هم سجانوه، وخاصة الأم التي عادة ما يتم إجبارها على التوقيع على تعهّد لمراقبة تحركات نجلها المحكوم عليه بالحبس، وهو ما يؤدي في كثير من الاحيان للدخول في اضطراب نفسي وقلق وحالة من عدم الثقة والشك بكل الأشخاص الذين يحيطون بالمحكوم بالحبس المنزلي.

من جانبه، قال الناطق باسم أهالي الأسرى المقدسيين، أمجد أبو عصب، لـ"جيل"، إن "سلطات الاحتلال تقمع أي فعالية سياسة أو اجتماعية، وتتخذ إجراءات قاسية بحق منفذيها، كإبعادهم عن المنطقة وفرض الحبس المنزلي والغرامات المالية الباهظة عليهم"، مبيّناً أن الهدف من هذه السياسة التي يتبعها الاحتلال "إيصال رسالة للمجتمع أن الأرض تحت سيادته وتحكّمه، وهو مَن يفرض سيطرته عليها بقوانينه الخاصة".

وفي ظل استمرار منع الاحتلال تنظيم الوقفات والمسيرات الاحتجاجية، بات الشباب الفلسطيني، وخاصة في القدس، يستغل المناسبات الاجتماعية العامة لتمرير رسالته السياسية عبرها، كاستقبال الأسرى وحفلات الزفاف.

ومن ناحية أخرى، أوضح رئيس اتحاد الشباب الفلسطيني، محرم البرغوثي، لـ"جيل"، أن "تضييق الفضاء العام على الشباب الفلسطيني يبدأ من المنهاج الدراسي، مروراً بحرمانهم من السفر، إلى منعهم من التنقل من مدينة لأخرى، وصولاً لمنعهم من البناء والتوسّع، وهو ما يجري في المناطق المصنّفة (ج) بشكل مكثّف".

وأضاف أن "السلطة الفلسطينية تتحمّل المسؤولية الكاملة تجاه الشباب الفلسطيني الغائب عن سلّم أولوياتها في العمل والتعليم والسكن"، لافتاً إلى أن ذلك يرجع إلى كون "السلطة تحت الاحتلال وأن لا سيادة فعلية لها".

ويعتبر الشباب الفلسطيني أن الاحتلال معيق رئيس لحياته الطبيعية، والجيل الجديد من الشباب في الضفة الغربية لا يعرفون شيئاً عن غزة والقدس والأراضي المحتلة عام 48، وكذلك العكس، وهذا بسبب سلب الاحتلال الفلسطينيين حرية التنقل والتفاعل الاجتماعي.

أما المختصة في علم الاجتماع، عروة جملة، فقالت لـ"جيل"، إن "الشاب الفلسطيني نسي ما هو شخصي في ظل ما يعيشه من واقع سياسي، فيما باتت الهوية الوطنية تفرض نفسها على كل نشاطاته بما فيها الاجتماعية والتربوية".

المساهمون